اعمدة طريق الشعب

الغرامات.. ضرائب جديدة / منعم جابر

عندما بدأت مرحلة التقشف وهبوط اسعار النفط، حصل الاختلال في ميزانية الدولة العراقية، وتصاعدت الدعوات لشد الأحزمة وتقليص النفقات وايقاف الهدر في المال العام. فكان صوت جريدتنا «طريق الشعب» عالياً وواضحاً في المطالبة بأن تحرص الحكومة على حقوق الكادحين والفقراء، وتدافع عنها، وان تمس الخطوات التقشفية اصحاب الدخول العالية، ويعاد النظر في نظام الضرائب ورواتب كبار مسؤولي الدولة والرئاسات والنواب والوزراء واصحاب الدرجات الخاصة، وان تبتعد الحكومة قدر الامكان عن كل ما يمس رواتب الموظفين من الدرجات الدنيا.
الا ان الذي حصل هو العكس تماما، حيث بدأت بعض التطبيقات التقشفية تشمل الخدمات الصحية والطبية والتعليمية بتفاصيلها، وتمس الرواتب الدنيا والتقاعدية، وتفرض الرسوم على بعض النشاطات الحياتية.
ثم بدأت تظهر في الميدان اساليب جديدة للجباية وجمع المال، ومن بينها اسلوب الغرامات على المخالفات او التكاليف النقدية التي تعود الى زمن مضى وانقضى، دون ان يكون من تقع عليه مسؤولية الدفع والتغريم هو المسبب للمخالفة. فكانت امانة بغداد (بالمرصاد) للمخالفين حقاً او باطلاً.
كذلك كان سيف المرور (باشطاً) على رقاب اصحاب السيارات وبغرامات مؤثرة وقاسية، ما دفع سواق السيارات الى الاعتقاد بان مديرية المرور تطالب شرطتها وضباطها بجباية غرامات محددة في اليوم الواحد.
وتوسع الحال ليشمل رسوم العقار وضرائبها وبأرقام مليونية، ما اربك ذوي الدخول المحدودة. فقبل ايام راجعت وحدة بلدية الاعظمية ووجدت احد الاشخاص وهو يشكو من تغريمه مبلغ مليوني دينار، لمخالفته تعليمات الامانة. قال لي: «استاذ انا لم اخالف.. اشتريت قطعة ارض بمساحة 50 مترا، وهي ضمن قطعة ارض قسمت الى اكثر من عشر قطع، وقد كانوا سابقاً يغرمون من يبني بيتا أو أي مبنى آخر في قطعة كهذه، مبلغا معينا لا يتجاوز 250 الف دينار». واضاف قائلا: «اما انا فلم ابن ولم اجر اي تغيير على قطعتي، لكنهم اصروا على تغريمي مبلغ مليوني دينار». اجبته: «كيف تغرم؟ لا يصح ذلك» فقال: «لقد بلغونا ان التعليمات الجديدة تتطلب تعظيم الايرادات وبكل الاساليب».
استفسرت من موظفي الدائرة عن صحة هذه الادعاءات وكان الجواب: «نعم، لان المطلوب موارد جديدة وان الغرامات تشمل الجميع المخالف وغيره».
سادتي خطوتكم بتعظيم الموارد المالية لدائرتكم وغيرها من دوائر الدولة مطلوبة، ولكن ليس على حساب الفقراء والكادحين واصحاب الدخل المحدود، بل المطلوب ايقاف هدر المال العام والقضاء على السراق والحرامية!