اعمدة طريق الشعب

كابوس الكهرباء / إبراهيم المشهداني

ما زالت لعنة الكهرباء، تلاحق العراقيين منذ ما يزيد عن ربع قرن وما زالت آمالهم معلقة بأهداب وزارة الكهرباء وهي إشكالية كبيرة أدى فشلها إلى تعطيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية واستمرار العراقيين في تحمل مرارات الصيف العراقي القائظ بغاية الإحباط .
ومن الجدير بالذكر أن كمية إنتاج الطاقة عام 1990، كانت 12 إلف ميكا واط بينما كان الاستهلاك المحلي في ذلك الوقت 5800 ميكا واط مع حمل ذروة 7500 ميكا واط إلا أن العمليات الحربية التي قامت بها قوات التحالف قد استهدفت محطات توليد الطاقة وألحقت بها إضراراُ كبيرة وبسبب من الحصار فلم يكن بالوسع إعادة بناء المنظومة وإجراء عمليات الصيانة كما ينبغي فتدهورت عملية الإنتاج إلى اقل مستوياتها فكانت كمية الإنتاج عام 2003 3300 ميكا واط لكن الإنتاجية ازدادت بعد الاحتلال حتى وصلت إلى 4470 ميكا واطا بواسطة إعمال الصيانة واستمر الارتفاع التدريجي حتى وصل الإنتاج إلى 6818 ميكا واطا في عام 2010 إلا إن حجم الطلب وصل إلى 14 إلف ميغا واط مع حمل ذروة 20 إلف ميغا واط وتقدر بعض الدراسات إن الحاجة عام 2016 تقدر بـ 40 إلف ميغا واط على فرض أن ماكنة الصناعة والزراعة تأخذ في الدوران بمعدلات نمو كبيرة غير إن الواقع يشير إلى أن الإنتاج الحقيقي في العام الجاري لا يزيد في أحسن الأحوال عن 14 إلف ميكا واط مع بقاء قطاعات الإنتاج في نفس مستوياتها المنخفضة .
والبحث في أسباب التدهور في إنتاج الطاقة الكهربائية يتطلب الوقوف عند ابرز التحديات وأهمها غياب إستراتيجية لبناء منظومة كهربائية قادرة على تلبية الطلب الكلي بالرغم من المبالغ الكبيرة المخصصة لوزارة الكهرباء منذ عام 2004 والتي بلغت عشرات المليارات من الدولارات ،مضافا إلى ذلك مشكلات الوقود مع وزارة النفط بالإضافة إلى الإعمال الإرهابية التي تسببت في هدم المئات من الأبراج ،ولا ننسى ممارسات الفساد والهدر المالي والتي أبرزها العقود المبرمة مع شركات جنرال إلكتريك وسيمنس المتضمنة الاتفاق على شراء محطات التوليد لإنتاج 6800 ميغا واط من دون قاعدتها التحتية ومكملاتها الأخرى وكلفت عدة مليارات ولا تزال مكائنها ملقاة في العراء حتى الان بعد مرور أكثر من خمس سنوات على هذه الاتفاقية الهشة التي رفضها البرلمان في حينها كل ذلك بسبب ضعف كفاءة المفاوض العراقي . لقد حان الوقت لمراجعة كافة المناهج والسياسات التي وضعتها وزارة الكهرباء التي ثبت فشلها والابتعاد عن عبث التصريحات بشأن خصخصة 70 في المائة في السنوات القلية القادمة عبر تجربة لم يثبت نجاحها . وكما يلي:
1.وضع إستراتيجية جديدة تقوم على أساس إعادة النظر في منهجية الوزارة تقوم في بعض جوانبها على الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في مجال التوزيع على أسس لا تثقل كاهل المستهلك، والتوجه إلى الاستفادة الكاملة من الطاقة البديلة النظيفة .
2.حل مشكلة الوقود من المنتج الوطني عبر التنسيق الكامل مع وزارة النفط على ان تتولى وزارة الكهرباء تسديد استحقاقات وزارة النفط والاستفادة الكاملة من انخفاض أسعار النفط والتخلص من الذبذبة في توريد الطاقة من إيران بسبب المستحقات المالية لصالح الأخيرة.
3.تفعيل عملية استحصال أجور الكهرباء عبر منظوماتها الإدارية وإتباع السياقات القديمة بمنح نسبة من الأجور المستحصلة لصالح العاملين على جباية الأجور بنسبة 0,006 في المائة من المبالغ المستحصلة بدلا من إسنادها لشركات غير مسجلة ولا تملك الضمانات الكافية .
4.معالجة الانخفاض في إنتاج محطات التوليد الحديثة التي تنتج بنصف طاقتها الإنتاجية التصميمية والوقوف على أسباب الخلـل وتفعيل إعمال الصيانة والتشغيل والعمل ،وهذا مهم جدا ، على معالجة تشغيل المحطات التوليدية المتفق عليها مع جنرال اليكتريك وسيمنس والاتفاق مع إحدى الشركات الرصينة لبناء قاعدتها التحتية وتشغيلها وتدريب الكادر الهندسي لإعمال الصيانة قبل أن تأخذ طريقها للاندثار الكامل .