اعمدة طريق الشعب

أين نحن من تدوير النفايات؟ / سارة الجعيفري

كانت دول العالم تعاني تراكم النفايات المنزلية التي تصل إلى آلاف الأطنان يوميا، غير ان انها اجتهدت في إيجاد حلول واقعية تقيها الاضرار الناجمة عن تكدسها وسط الاحياء السكنية. ففي الأبنية العمودية الشائعة، التي تعد حضارية، يتم انشاء فتحة ذات باب صغير في مطبخ كل شقة تطل على نفق عمودي ترمى فيه النفايات المنزلية، فتتجمع في حاوية كبيرة اسفل المبنى، تقوم الجهات البلدية باستبدالها وتعقيمها بشكل يومي. هذا فضلا عن قيامها بوضع حاويات صغيرة امام المنازل، بعضها مخصص للقناني الزجاجية والآخر للأواني المعدنية كعلب المشروبات الغازية، إلى جانب حاويات مخصصة للمواد البلاستيكية، وما على المواطن سوى رمي نفاياته وتوزيعها على هذه الحاويات. الأمر الذي يعني ان السيطرة على النفايات اصبحت سهلة وممكنة لاغراض التدوير والمعالجة، لا ان تبقى مكدسة على الطرقات او في الساحات العامة يعبث بها العابثون، وتصبح – كما في بلادنا - مصدر رزق لجامعي النفايات، وخاصة قناني المشروبات الغازية والاوعية البلاستيكية، الذين يضعونها في أكياس كبيرة، ويبيعونها إلى تجار متخصصين بشراء النفايات، يقومون من جانبهم ببيعها بالاطنان إلى معامل بدائية الصنع، لغرض اعادة تصنيعها مجددا!
ان هؤلاء التجار لهم زبائنهم. فنحن نشاهد يومياً عشرات المركبات تحمل هذه الاكياس الوسخة، وتجوب بها شوارع المدن، حيث يجتمع الفتية الصغار الذين تركوا مدارسهم لكي يسترزقوا من هذه المهنة المذلة، معرضين انفسهم لامراض خطيرة، وهم يبيعون ما جمعوه الى التجار.
ان هذا النوع من التجارة ليس موجوداً في بلادنا وحسب، بل هو موجود في اغلب مدن العالم الثالث، ويخلف أمراضا انتقالية يصاب بها جامعو النفايات جراء امتهانهم هذه المهنة الخطرة.
ويبدو ان الامر بات صعبا على الجهات البلدية في عراقنا الجريح، حتى انها عجزت عن دفع رواتب موظفيها وعمالها، فكيف لها ان تفكر في مشكلة النفايات وتضع لها الحلول!؟ وباعتقادنا ان أكوام النفايات ستبقى على حالها، إلى ان يأتي مسؤولون وطنيون يحبون بلدهم، ويأخذون على عاتقهم مسؤولية التخلص من النفايات ومن أضرارها، والاستفادة منها بشكل مثمر عبر تدويرها بالتعاون مع شركات محلية وأجنبية.