اعمدة طريق الشعب

ملفات لا بد ان تفتح ! / محمد عبد الرحمن

لا اصلاح حقيقيا من دون الخلاص من الفساد. والفساد غدا منظومة او مؤسسة اوشبكة اخطبوطية، ولحد الآن لا يبدو ان خطوات جدية قد اتخذت للحد منه والخلاص تدريجا من شروره .
ولان الفساد منظومة، فالمطلوب لمواجهته الاقدام على حزم متكاملة من الاجراءات الفاعلة، وليس على تدابير منعزلة منفردة ، لا تغني ولا تسمن من جوع . واكثر ما يلفت هذه الايام ما يثار في استجوابات الوزراء ، وما يرافقها من تداعيات تحتاج متابعتها الى منظومة تشريعية وتنفيذية وقضائية، على درجة من الادراك الكبير لواجباتها ومسؤولياتها، وتمتلك حسا وطنيا عاليا وحرصا اكيدا على اموال البلد وتقدمه وسعادة شعبه. ونحن لحد اللحظة ابعد ما نكون عن ذلك، في ظل تواصل مواقف الكتل المتنفذة واصرارها على حماية المفسدين، وتفعيلها « منظومة الوقاية « حيثما تطلب الامر. فيما يبقى التردد الواضح في الاقدام على خطوات لفتح الملفات التي طال انتظارها ، والذي يبين ان كل طرف يحمل ملفاته ويعلن عنها في اللحظات التي يختارها ، ليس من باب محاربة الفساد والتصدي له ، قدر ما لغرض الدفاع عن النفس في لحظة تضارب للمصالح !
وهذه الملفات لا بد ان تلاحق ، وان يعلن عن المسؤولين عنها، حتى لا تبقى طواطم لا يعرف المواطن العراقي حقيقتها ، وما تحمل بين جنباتها من معطيات وحقائق وارقام. علما انها متنوعة ، ولا تخص هذه الكتلة او تلك ، بل جميع المتورطين .
ونحن حقيقة لا نريد ان يخرج علينا كل يوم احد المتنفذين ليعلن عن قصة فساد جديدة، تدفع بما سبقها الى النسيان او التناسي . ومن حقنا ان نقول: لماذا بعض الملفات تكشف الآن ، هل بدافع الحرص على الاموال العامة ؟ ام شعورا من البعض ان النار بدأت تقترب منه ، وغدا لسان حاله يقول : علي وعلى اعدائي !
من يكشف هذه الملفات التي يجري الحديث عنها منذ سنين ، وهي معروفة ؟ ومن ينهي عمل كثير من اللجان التحقيقية ، بمعنى الوصول الى نهاية الشوط والكشف عن كل الحقائق والاسماء ؟ وليس فقط الكشف والاعلان ، بل ايضا المضي قدما في حسم القضايا وليس ابقاءها معلقة، ولكي ينال كل متورط وفاسد ومجرم حقه جزاء ما اقترف!
الملفات معروفة والاشخاص معروفون الى حد كبير ، وفي كل يوم تظهر وثائق ومعطيات جديدة توثق وتعزز القناعة الراسخة عند المواطن، بان الفساد ضارب اطنابه ويشمل اعدادا كبيرة من المسؤولين في كل المستويات ، وفي السلطات الثلاث .
نريد من يقدم على فتح هذه الملفات، بعيدا عن الانتقائية ، وعن قناعة بضرورة التخلص من الفساد، توأم الارهاب وحاضنته . وهنا لا يكفي ان يعلن رئيس الوزراء انه سوف يتصدى للفاسدين ، فيرتعد هؤلاء! فالمطلوب من رئيس الوزراء ليس الوعد، بل ان يتخذ اجراءات، وهو صاحب السلطات الواسعة بحكم موقعه الدستوري.
وقد يقول قائل ان يدا واحدة لا تصفق ، لكن هذا القول لا يصمد امام واقع الدعم الشعبي الواسع لاي اجراء يتخذ ضد الفساد. انما اين هي هذه الاجراءات الجادة ! الناس تنتظر وللصبر حدود. فالى متى ينتظر المواطن الذي لا يجد قوت يومه، وهو يسمع عن السرقات بالملايين، بل بمليارات الدولارات كما اعلن مؤخرا.
ان الملفات كثيرة ومتنوعة ولا بد ان تفتح. فالمسؤولية عما حل ويحل بوطننا لا تلغى بالتقادم ، وعامل الزمن هنا لا يبرر العفو عما سلف. انها مسؤولية وطن يقف على كف عفريت ، وشعب غدت اعداد كبيرة منه اما مهجرة او نازحة، او تعاني الفقر والجوع والعلل، واعداد كبيرة غيرها في عداد الشهداء والمصابين والمفقودين.