اعمدة طريق الشعب

كان غير شكل الزيتون / قيس قاسم العجرش

ليس بطراً أن يتابع الكثيرون حول العالم - حتى هنا في العراق - نتائج المناظرات التلفزيونية بين مرشحي الرئاسة الأميركية؛ ترامب وهيلاري كلينتون. صحيح ان المفروض فينا ما يكفينا من القهر والمشاكل ووجع الرأس، لكن كل المؤشرات تقول إن وجع الرأس هذا إنما للعمّة أميركا يدٌ فيه وفي كل تفاصيله.
لكن البطر الأصلي ظهر على شكل تبرّم من الأميركيين أنفسهم، ونقلته صحافتهم بوضوح في تقاريرها المتلفزة والمكتوبة. كانوا يتوقّعون أن يدور الحوار حول قضايا الهجرة والرعاية الصحية والضرائب على الطبقة الوسطى وضرائب الإنتاج والتسويق والقيمة المضافة تجاه أكبر 100 شركة صناعية في الولايات المتحدة.
بدلاً من ذلك دارت كل الحوارات حول تحرّش ترامب بالسيّدات، وحول آخر التسجيلات الفضائحية له والتي يستخدم فيها كلمات نابية (تعدّ غير لائقة حتى بمعايير المُجتمع الأميركي)، فيما ركّز هو على قضيّة حذف هيلاري لآلاف الرسائل من بريدها الأليكتروني، التي تكشف تداخلاً بين أعمال مدير حملتها وبعض الجهات الداعمة للحملة، بشكل غير قانوني.
وأخيراً وجّه ترامب اتهامه لها بأنها تتعاطى المنشطات كي تبدو بخير، وان هذه المنشطات هي نوع من الإدمان لو استخدمت بطريقة مُستدامة.
الإحباط الذي يعيشه الأميركيون وهم في طريقهم الى صندوق الإنتخابات سيجعلهم يسيئون الإختيار، خاصة إذا علمنا أن 19بالمئة منهم يغيّرون قرارهم الإنتخابي خلال الساعات الأربع والعشرين التي تسبق التصويت.
الصفحة العراقية من الجدل السياسي وجدت الكثير لتشترك فيه مع الصفحة الأميركية. حيث نرى ان العراقيين ايضاً وجدوا أنفسهم بلا اختيار وهم يتابعون «طشّار» العبارات النابية في البرلمان أو التي تصدر عن برلمانيين تجاه بعضهم البعض. وربما تسللت هذه الى طريقة ادارة العلاقة مع الأخرين في السياسة العراقية الخارجية (إن وجدت لها معالم واضحة).
يحنّ الأميركيون اليوم عبر مقارنات الصحافة الى الجمل المتينة والعميقة التي كانت في ما مضى سمة المناظرة التلفزيونية بين المرشحين للرئاسة. كانت بعض تلك الجُمل كافية لحسم الصراع لصالح أحد المرشّحين، فهل نتصور اليوم أن تراشق الفضائح والشتائم والعبارات النابية سيحسم كرسي الرئاسة الاميركية؟. أم هل يتصور بعض الساسة العراقيين أن تسميم الجو بالعبارات النابية والـ»فشار» يمكن أن يغير الحال ويصلح ما افسدوه بأيديهم؟
بالتأكيد هذا غير ممكن، لكن السِّجال كان يمضي بشكل آخر، والنقاش كذلك، والدفاع عن الرأي...كل شيء أصبح الآن غير شكل، على الأقل صوت فيروز نبهنا الى ذلك منذ زمن بعيد.