اعمدة طريق الشعب

عندما يقترب موعد الانتخابات / عبد السادة البصري

في عام 2010 دخلت الى منطقتنا ــ منطقة الداوودية أو شط الترك ــ القريبة من محلة الهادي (5 ميل) في البصرة ، إحدى الشركات الإنشائية، لتبليط شوارعها الترابية وهي المفتقرة الى خدمات المجاري وغيرها. الشركة جاءت بآلياتها وتجهيزاتها على وفق العقد المبرم مع المحافظة طبعا ، واشارت قطعة الدلالة إن اكساء وتبليط شوارع المنطقة هو ضمن المشاريع العمرانية لخطة عام 2010 ــ 2011.
ابتدأ العمل بالحفر ونصب المجاري وبناء غطّاس إضافة للغطّاس الموجود سابقا لسحب مياه المجاري وتحويلها بعيداً. كذلك تهيئة الشوارع وحدلها وإضافة السبيس والرمل وكبسها وضغطها وتحديد الأرصفة لإكسائها بالمقرنص..
في أواخر عام 2011 تركت الشركة العمل عند المنتصف ورحلت في ليلة ظلماء مما سبّب إيذاء للمواطنين من سكنة المنطقة، والطلاب بشكل خاص أيام الشتاء حيث تتحول الشوارع الى مستنقعات وأوحال لا تنشف إلاّ في الصيف ليعلو الغبار!
قام سكنة المنطقة باكساء الأرصفة المقابلة لواجهات بيوتهم بالمقرنص، الذي تركته الشركة موزّعاً على أرصفة الشوارع دون إكمال عملها!
ظلّ أهالي المنطقة يشكون من الأطيان والمستنقعات شتاءً والتراب والغبار صيفاً، ومرت سنوات والناس تشكو وترفع شكواها للمسؤولين مناشدة إكمال رصف وتبليط الشوارع التي صارت عبئاً ثقيلاً عليهم وخصوصا طلاب المدارس وطالباتها وصعوبة وصولهم نتيجة البؤس والخراب الذي أصاب الشوارع ، كما تغيرت بعض أشكالها!
اليوم وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات عادت الشركة ــ لا أعرف هل هي نفسها أم شركة أخرى؟ ــ بآلياتها وابتدأ العمل بقص الشوارع وقشطها وإضافة السبيس عليها وضغطها تمهيداً لتبليطها ورصف المقرنص ــ طبعا المقرنص ضاع نصفه وتكسر النصف الآخر المرصوف عشوائيا من قبل السكان. استبشر الناس خيراً رغم الأقاويل والتهكمات التي يطلقونها، خصوصا وان عودة الشركة جاءت مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات والبرلمان. فكنت تسمع الأحاديث الجانبية بين الناس في الشارع والسيارة:
ــ أين كانت الشركة خلال هذي السنوات؟
ــ رجعوا من اقتربت الانتخابات!
ــ لا يمعود هذي دعاية انتخابية!
ــ يمعود ميخالف دعاية بس يبلطون الشوارع مو دمّرنا الطين والغبار!
ــ يا ريت يكمّلوها ويخدمون الناس.. لا طربة عرس!
ــ يمكن الشركة ما كانت مستلمة مستحقاتها سابقا وتركت العمل!
ــ رجعوا بعد ما أعطوهم ، معقولة ؟.. ليش العقد محسوب ضمن موازنة أي سنة؟
كلام كثير تسمعه هنا وهناك، بعد العودة لإكمال أي عمل تتركه الشركات المقاولة عند المنتصف!
ألم يكن من الأفضل والأكمل والانجح دائماً، خاصة بالنسبة للمسؤولين أن يكونوا سبّاقين بخدمة المواطنين والمناطق لتأهيلها وجعلها تليق باسم مدنهم وناسهم؟
المسؤولية أمانة في عنق مَن يتصدى لها، ومن الأفضل أن لا نترك للآخرين الكلام نتيجة أخطائنا ولامبالاتنا، والبحث عن مصالحنا الشخصية والفئوية والحزبية دون الاكتراث بالآخرين، وان لا نعمل حين يقترب موعد الانتخابات فقط ونهجر العمل بعدها دائما!