نحن جيل المسرح السبعيني، الذي انضم إلى مدرسة «فرقة المسرح الفني الحديث ، مسرح بغداد» في منتصف سبعينيات القرن الماضي، انا والشهيد دريد ابراهيم ورياض محمد وخليل الحركاني والشهيد حسن حنيص وغانم بابان وكافي لازم وعدنان يوسف واقبال محمد علي وعواطف نعيم وحميدة حمد (وتبا للزمن الذي أنساني جزءا من القائمة، وعذرا منهم). نحن نفتخر ونعتز بان يوسف العاني كان معلمنا ومرشدنا.. وله دين كبير في رقابنا نحن المسرحيين. حيث بذل جهودا استثنائية كي يدخل المسرح إلى بيوت العراقيين، فادخل البسمة إلى قلوبهم والوعي إلى عقولهم، حتى وصل الامر بالعديد من العوائل العراقية انكانت تتقاطر على عروض فرقة المسرح الفني الحديث (مسرح بغداد) ابان السبعينيات، وكانت صالة المسرح تنفد حجوزاتها لاسابيع مقبلة!

تعرضت فرقة المسرح الفني الحديث التي أسسها العاني مع الراحل ابراهيم جلال عام 1952 إلى مضايقات كثيرة من قبل الانظمة المتعاقبة، وخاصة خلال فترة النظام الصدامي الذي كان يتهمها بالشيوعية . ومع اشتداد الهجمة على الشيوعيين بشكل خاص واليساريين والوطنيين بشكل عام في نهاية سبعينيات القرن الماضي، بدأ عناصر الفرقة بالهرب الى خارج العراق الواحد تلو الاخر !

في مثل هذه الايام من عام 1978استقر بي المقام في الجزائر وكان بمعيتي زميلي عدنان يوسف. فكتبت للراحل يوسف العاني شارحا له وضعي الجديد، فأجابني بسطور معدودة، إلا أنها واضحة الدلالة، حيث أشار لي بأن العديد من شباب الفرقة قد التحق معي في الغربة ثم ختم رسالته بهذه الكلمات» أما نحن فإننا ننتظر الاستثناء من القاعدة حتى يتعدل الاعوج»!

المصيبة ان «الأعوج» لم يتعدل وقاد البلد من حرب إلى أخرى ليزيد الخراب يوما بعد آخر، وهذا» الاعوج « لم يسلم الوطن الا لمن هو اكثر اعوجاجا!

نم قرير العين ابا وسن فنحن سنقتص من كل» اعوج» بالفن وبالمسرح. واننا لن نبكيك لانك معنا في كل خطوة مسرحية نخطوها في الاتجاه الصحيح.