اعمدة طريق الشعب

المتقاعدون أيضا! / محمود العكيلي

لا يعرف المتقاعدون سبب الاستقطاعات المضاعفة من رواتبهم منذ اعلان سياسة التقشف وتشريع قانون الاستقطاع الضريبي، الذي بلغت نسبة الاستقطاع فيه 3 في المائة. وفي شهر تشرين الأول الماضي، شعر المتقاعدون بزيادة الاستقطاع اكثر من المعتاد فشكوا امرهم الى الله والى مديرية التقاعد العامة! وكنت احد المراجعين الى مديرية التقاعد العامة، فشكوت لهم الحالة. فقد كان راتبي الشهري يبلغ 800 الف دينار، أي انني استلم في الشهرين مليون وستمائة الف دينار طيلة عام 2015. وفي عام 2016 اختلف الامر وانخفض الراتب كثيرا حتى وصل الاستقطاع لشهر تشرين الأول إلى 165 الف دينار، في حين ان الاستقطاع الصحيح وفق النسبة 3 في المائة يكون 48 الف دينار. فأين هذا من ذاك؟!
اوضحت لي مديرية التقاعد العامة، ان السبب هو تخفيض الراتب الاسمي بالنسبة لي من 800 الف دينار الى 763 الف دينار، اعتبارا من بداية عام 2016، وتم ذلك دون علمي. وقد شمل التخفيض رواتب جميع المتقاعدين الذين احيلوا الى التقاعد قبل صدور قانون التقاعد الموحد، الذي شرع بعد التغيير وبنسب متفاوتة. وكان المتقاعدون لا يعرفون شيئا عن ذلك، علما انهم لا يمانعون الاستقطاع الضريبي البالغ 3 في المائة وفق القانون، ولكنهم يرفضون مطلقا تخفيض رواتبهم الاسمية بصورة كيفية دون حق. فهل يعتبر هذا التخفيض عقوبة للمتقاعدين الاوائل الذين تقاعدوا في عهد صدام حسين؟! وهل ان تخفيض رواتب المتقاعدين بأمر من وزارة المالية يحل المشكلة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها البلد حاليا؟
كان الاجدر بحكومة السيد العبادي تخفيض الرواتب العالية للوزراء والنواب والدرجات الخاصة، بدلا من تخفيض رواتب المتقاعدين البسيطة، وهم الذين افنوا اعمارهم من اجل اعمار العراق.
ان جماهير المتقاعدين من النساء والرجال تطالب حكومة السيد العبادي ووزارة المالية بإعادة النظر في التعليمات المجحفة بحقه، والعمل على إعادة رواتبهم الى ما كانت عليه قبل سياسة التقشف.
وبعد كل ما جرى تبقى صورة تلك العجوز المتقاعدة في الذهن، ويظل صوتها يرن في الاذان وهي واقفة في باحة المصرف تعيد حساب راتبها المنهوب وتردد مع نفسها: «عساها ابخت من سواها!».