اعمدة طريق الشعب

جهد دولي / قيس قاسم العجرش

هناك منظمة اسمها اختصاراً(CAR)، تختص بدراسة مصادر تسليح النزاعات حول العالم، وينخرط فيها عدد كبير من المتطوعين والباحثين. هذه المنظمة تهيء معلومات ميدانية لأي محاولة سياسية لحل النزاعات. وفي العراق أنجزت عملاً مهماً للغاية وهو: تقصي مصادر حصول تنظيم داعش الإرهابي على المواد الكيمياوية المستخدمة في تركيب العدد الهائل من العبوات الناسفة التي ملأت فضاء العراق حقداً وموتاً.
أهمية هذا العمل تتجسد في أن أعضاء هذه المنظمة رافقوا وحدات القوات المسلحة العراقية ووحدات الحشد الشعبي في أول دخولهم الى المناطق المحررة من سيطرة داعش، وجمعوا الأدلة وصوروا معامل التفخيخ لحظة الدخول اليها، وفحصوا مئات المواد الكيميائية والمتفجرة، ودونوا كل ما يمكن ان يسهم ويؤسس في المستقبل القريب لملاحقة مصادر حصول داعش على المواد الكيميائية، وأعني هنا الملاحقة القانونية تحديداً. قاعدة البيانات التي هيئتها هذه المنظمة، وهي ممولة من الإتحاد الأوروبي ومنظمة العفو الدولية، أثبتت بما لا يقبل الشك أن التنظيم الإرهابي يستورد موادأً تدخل في صناعة المتفجرات تعود مصادرها الى 25 دولة حول العالم. وتمتد على رقعة كوكب الأرض من اليابان شرقاً التي يزود فيها أحد ما التنظيم الإرهابي بصواعق التفجير. وصولاً الى الولايات المتحدة والارجنتين غرباً التي تأتي منها مكونات تدخل في صناعة نترات الأمونيوم(وهي المادة الأساسية المستخدمة للتفجير).
بالتأكيد هذا لا يعني أن حكومات تلك البلدان، شرقها وغربها تعلم علم اليقين بالإستخدام النهائي للمواد التي تصدرها، لكنها تعلم الى من تبيع منتجاتها، وهذه السلسلة يمكن تقفيها.
لكن من المستبعد تماماً ألاّ تعلم مخابرات 25 دولة أن جزءاً من المواد المصدرة الى الشرق الأوسط انما تنتهي في آخر مطاف لها لتكون سلاحاً للقتل(قتل العراقيين تحديداً).
هذا العمل والجهد الدولي إنما يضع الحكومات المختلفة أمام مسؤولياتها. لقد كان مؤتمر باريس 2014، بداية معقولة لمواجهة دول العالم التي لا تفعل شيئاً إزاء انتقال الإرهاب والإرهابيين، إلّا أن مقرراته لم توضع موضع التنفيذ، ربما لأنها كدول لم تجد من يتابع ويضغط باتجاه تعزيز مكافحة أيادي الإرهاب حول العالم. وهذا ما هو منتظر من حكومتنا العراقية على المستوى الدولي. ومن غير المعقول ان يكون جهد منظمة تطوعية أكر نجاحاً من قدرات العراق وهو الأكثر تأثراً بالإرهاب على التوثيق، ..إنه ليس الشيء الوحيد(غير المعقول)عراقياً، هذا ربما يكون عزاؤنا.