اعمدة طريق الشعب

الطبابة الحربية / د. سلام يوسف

منذ سقوط الصنم، والعراقيون يصارعون اعداءهم كي يثبتوا وجودهم ويقدمون التضحيات الجسام من اجل وحدتهم واستقرارهم، انه صراعٌ دامٍ قل نظيرة في تاريخنا المعاصر حيث استباح المتآمرون كل عراقنا بسهوله وجباله، وكل مكوناته القومية والدينية، واصبحنا نعيش يومياً معالم الحرب بكل تفاصيلها المرّة.
وجراء هذا الصراع الدموي اصبحت الحاجة ملحّة جداً كي تأخذ الطبابة «الحربية» موقعها الإنساني والوطني والتأريخي، فلا يمكن لأي حرب ان تستغني عن الدعامات الاساسية لها، الا وهي الطعام والشراب والطبابة، وأهميتها كأهمية الذخيرة والعتاد.
والعراقيون الان يعيشون ايام تحرير الأراضي التي احتلها داعش، أنما قد اعدوا العدّة للدعامة المهمة وهي توفير وتجهيز كل ما له علاقة بالطبابة والتي تمتاز بمواصفات خاصة وضوابط محددة.
فمهام الطبابة الحربية تتمثل بإخلاء الجرحى من ميادين القتال مع توفير كل وسائل ومعدات إنقاذ الحياة، والغالبية العظمى منها، جراحية الطبيعة، وهذا يعني وجوب توفير كل ماله علاقة بالجراحة الميدانية من معدات وأدوات وسوائل وريدية بما فيها الدم.
ان معارك التحرير تستوجب توفير كافة العناوين التي من شانها ان تدعم ديمومة الصمود والانتصار ولعل تكامل تواجد الطبابة في مقدمة تلك العناوين.
ولأهمية تواجد الطبابة الحربية الفعلي في ساحات المعارك، فقد أفردت المراجع الطبية والعسكرية العالمية، فرعاً خاصة بها كدراسة علمية وهي جزء لا يتجزأ من دراسة علوم الطب، فالأسس العلمية والتطبيقية واحدة، ولكن الطبابة العسكرية تحتاج الى التخصص، فجّل الإصابات هي جراحية، مما يتطلب التركيز والتدقيق في ستراتيجية أعداد وتدريس وتدريب الكوادر الطبية العسكرية، وليس هذا فحسب فالى جانب ذلك يجب تهيئة الكوادر المساعدة وهم المسعفون، فالأمر واضح جداً، أن ما نحتاجه هو إسعاف المصابين من المقاتلين للإبقاء على حياة اكبر عدد من المصابين.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل نحتاج الى إعلان حالة حرب أو قتال كي نهيئ طبابتنا العسكرية ام ان انشاء الطبابة العسكرية هي الرديف المنطقي لإنشاء وبناء القوات المسلحة ؟ ان ادارة بلادنا بعد التغيير دللت الى ان المتنفذين اهتموا بهيبة (القنفة) وتركوا هيبة الدولة والمتمثلة بجيشها وكل اذرعه خصوصاً وان العراق بأرضه وسمائه وشعبه، مستهدف من اطراف بعيدة وقريبة، داخلية وخارجية !
لذا فلا نستبعد وجود أزمة في الطبابة الحربية الحالية في العراق كونها جزءا من الازمة العامة التي تعج بالبلاد بكل العناوين وكل التفاصيل، ومهمتنا الحالية أن نجعل من الواجبات الوطنية والإنسانية التي يضطلع بها هذا الصنف من الطبابة، مهمة الجميع ويجب ان تشغل حيّزاً من اهتمامات كل من له مصلحة في مقارعة داعش والإرهاب، وفي المقدمة في ذلك، كل القوى الخيّرة التي تريد الخير والاستقرار والبناء والتقدم للعراق.
ومن اجل ان نستكمل الصورة البديلة المطلوبة فلابد من إعادة النظر في قرارات بريمر في حل الجيش العراقي وكل التشكيلات المرتبطة به ومنها الطبابة العسكرية، وإعادة ما يمكن اعادته من الكوادر الطبية والصحية العسكرية والمتمرسة منها تحديداً، فهم ثروة وطنية ثمينة لا تعوّض، إضافة الى العمل الجاد والتنسيق المرن بين وزارة الصحة ووزارة الدفاع والداخلية لإعادة العمل في المؤسسات الصحية العسكرية وإيلائها الاهتمام المطلوب وتخطي حواجز الزمن الذي يسبقنا دوماً وعلينا اللحاق به.