اعمدة طريق الشعب

أسماء لا تنطبق على مسمّياتها !/ عبد السادة البصري

ما إن تدخل أي سوق أو تمر بشارع إلاّ ويعتريك أكثر من سؤال حول ماهيّة الأسماء التي أطلقت على المحال والدكاكين والمطاعم وغيرها ، وتظل تتساءل :ــ لماذا أطلق أصحابها عليها هذه التسميات ، وما الغاية منها ؟!
وأنا اكتب هذه المقدمة أخذتني ذاكرتي حيث طفولتي في قريتنا الجنوبية المطلّة على البحر في جنوب قضاء الفاو حينما كانت تسمية الدكاكين على أسماء أصحابها مثل ( دكان علي رستم ، حلاقة جوهر، مقهى عبد الامير، عباس الخياط، وغيرها ) لأقارنها بما أقرأه اليوم على واجهات المحال من تسميات مثل (كراج الرسول الأعظم (ص) للغسل والتشحيم ، باجة السيّاب، حلاقة الخيول السريعة) ، وما الى ذلك!
حين تسأل : ما علاقة الرسول الأعظم (ص) بالغسل والتشحيم ؟ وما علاقة السيّاب بالباجة ، والخيول السريعة بالحلاقة ؟!
يكون الجواب: تحبباّ.. وللرزق أطلقنا هذه الأسماء على محلاّتنا !
ــ هل يُعقل هذا ؟! أليس من اللائق أن يكون الاسم مطابقا للمسمى به فعلا ومنطقا وصورة ؟! وإلاّ لماذا وجدت الرقابة ؟!
على البلديات في كل مكان أن تأخذ هذه الأمور بنظر الاعتبار وتتابعها بشكل حضاري ودقيق ولا تترك لمن هب ودب أن يطلق التسمية على وفق هواه، بل وفق ما يعطي انطباعا حضاريا للمدينة والبلد بأكمله، لأن السائح القادم من بلد آخر لا يعرف السياب إلاّ شاعراً مجدداً في الشعر العربي، والرسول الأعظم هو النبي محمد (ص).
لهذا يضحك في سرّه علينا ويقول :ــ كيف يفكّر هؤلاء، وهل يملكون شيئا من الثقافة والمعرفة ، بل هل وصلتهم الحضارة أم لا ؟! علينا أن نضع قوانين لكل شيء لا أن نترك الحبل على الغارب وتعم الفوضى في الشارع والسوق وكل مكان !
المسميات وواجهات المحلات والأسواق والمباني تعكس الصورة الحقيقية لوعينا وحضارتنا ومدى احترامنا لتاريخنا وتراثنا والمحافظة عليه فهي الشاشة التي ينظر اليها القادم الينا سواء كان سائحا أم في مهمة عمل ما !
إطلاق التسميات بهذه الفوضى واللا منطق تعكس للقادم الينا بأننا شعب لا يحترم الثقافة والتاريخ وغير معني بالحضارة والتقدم ، بل يعمل على هواه دون حسيب أو رقيب !
القانون يطبق على كل شيء ولن يترك شاردة وواردة إلاّ وتدخل فيها لتنظيم الحياة واستمراريتها من ازدهار الى ازدهار ،أما الفوضى والفساد واللصوصية بكل شيء فإنها تؤدي الى انهيار الحياة وخرابها شيئا فشيئا وبالتالي خراب الوطن !
نظرة سريعة الى ما آل اليه كل شيء بسبب الفساد والمحاصصة والطائفية المقيتة تجعلنا نشعر كم من السنين ضيّعنا من تقدم الوطن وبنائه حضاريا وتركناه خرابا ما انفكّ ينزف دما !