اعمدة طريق الشعب

عام بلا أفراح! / قيس قاسم العجرش

كل تبريرات الأجهزة الأمنية، واحتياطاتها، وواجباتها المكلّفة بها، وكل غطائها القانوني يسقط لحظة فتح النار على مُتظاهرين سلميين.
لا يوجد سبب، في أي زاوية قانونية أو اعتبارية أو إجرائية يسمح للجنود والضبّاط المكلّفين بحفظ الأمن أن يفتحوا النار،حتى لو جرى ذلك الى الأعلى من رؤوس المتظاهرين.
لا يوجد ظرف، في كل الاحتمالات التي يضعها القانون في اعتباره، وفي كل الحالات التي يشرّع من أجلها النظام، يبيح فتح النار باستثناء شعور رجل الأمن بالتهديد الحقيقي على حياته. والتهديد يعني احتمال تعرّضه للموت أو الإصابة المُفضية للموت. ولم يسبق للبشرية أن سمعت بموت رجل أمن لأنه صبر على صرخات المحتجّين!.
المتظاهر(بما في ذلك الذي يتظاهر بلا رُخصة)لا يجوز فتح النار أمامه أو باتجاهه. والقانون يسمي هذه الحالة(شروعاً بالقتل)من جانب منتسبي الأجهزة الأمنية. الشروع بالقتل هو استعمال القوة التي يمكن أن تؤدي الى القتل بوضوح، والإطلاقات النارية تؤدي حتماً للقتل لو أصابت شخصاً ما.
لهذه الأسباب تتخذ دول العالم المتحضّرة أساليب رش المتظاهرين بالماء مثلاً، أو محاولة تفريقهم بقوّة مماثلة من جانب الأجهزة الأمنية (قوّة بشرية تعتمد على التدافع ولا تلجأ الى الضرب).
أما قصّة الرُّخصة التي تطرحها المصادر الحكومية مع كلّ تظاهرة فقد باتت قصّة سمجة. لأن حق التظاهر مكفول دستورياً، والى غاية أن يصدر قانونٌ ينظم آليات منح الرّخصة فإن التظاهر مسموح بلا قيد. لأن المادة 46 الدستورية تنص صراحة على:»لا يكون تقييد ممارسة أيٍ من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناءً عليه، على أن لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية».
(إلّا بقانون)، هذه العلّة لا تبيح لأحد أيّا كان تقدير مسؤوليته أن يمنع حقاً، حتى لو بكلمة. فكيف إذا حاول منعه بإطلاق النار؟!.
ما سبق عرضه لكم هو الوجه القانوني لمواجهة التظاهر بإطلاق النار. أما الوجه العقلي فهو يعني أن الحكومة تبحث عن كلمات فلا تجد، وتفتش عن أداءٍ فلا يُسعفها الواقع، وتستعين بالقانون والأجهزة الأمنية فيتحوّل الأمر الى فضيحة مضاعفة، وتوكل الأمر الى الضبّاط الميدانيين لتقدير حاجتهم لإبداء العنف، فيتطاير الرصاص الأحمق الذي حصد في مرّات غير قليلة أرواحاً لأبرياء في المحافظات وتظاهراتها المطلبية.
لديكم مخرج واحد؛ أن تستمعوا الى المتظاهرين، وأن تتعاملوا بالحقائق والمسؤولية مع اختطاف أفراح.