اعمدة طريق الشعب

طائِفِيُّ نصف رُدْن! / يوسف أبو الفوز

كان جَلِيل منزعجاً جداً من أحدهم. تساءل على صفحته في «فيس بوك» : هل صحيح أنا طائفي؟ قال جليل: ليس لي أي أعتراض على كونه يبارك الانتصارات لقواتنا المسلحة بكل صنوفها، ولكن ان يُحشد ضد داعش بشكل طائفي، ويحمّل كل أهالي المناطق التي احتلتها داعش وسيطرت عليها المسؤولية ويعتبرها متعاونة مع الارهابيين، فهذه بنظري ليس فقط صلافة وتخندق طائفي بل وتعدي واضح على الناس!
قالت له سُكينة وهي تضحك: أعرف من تقصد، أليس هذا هو نفسه المثقف الذي يحول لعبة كرة قدم الى لعبة طائفية ويشجع ويتابع تسجيل الاهداف من هذا المنطلق؟
وسرعان ما شاركت زوجتي في النقاش فتشعب، وصار حديثهم يثير عندي الكثير من الاسئلة، منها : اذا كان مثقفي البلد بكل سهولة يتورطون في المستنقع الطائفي كيف بحال بسطاء الناس؟
ويبدو أن صديقي الصَدوق أَبُو سُكينة، قرأ افكاري، فقال لي بصوت سمعه الاخرين : لا اراك تشارك في الحديث، يبدو أنك محتار بسالفة قديمة ــ جديدة؟ اشوف عيونك تلمع؟
فأجبته: فعلا يا صديقي، ان هذا الشخص، الذي يعنيه جَلِيل، وامثاله بالنسبة لي أراهم يخدمون داعش بشكل مباشر، فهم يمزقون الوحدة الوطنية، ويلغون فكرة المواطنة، من خلال تخندقهم الطائفي، ولا يختلفون عندي عن الطائفي المتشدد الارهابي الذي يكفر الاخرين كلهم، فهذا المثقف الذي يتحدث عنه جَلِيل، واذ يتهم كل اهالي المناطق المحتلة بتعاونهم مع داعش ينسى ويتغافل عن كون ان قادة كبار في الجيش العراقي، قالوا ، ولأكثر من مرة ، انه لولا تعاون اهالي الموصل لكانت خسائر القوات المسلحة كبيرة جدا، اذ كان اهل الموصل يدلون الجيش على اماكن المفخخات والقناصين وزودوا اصناف القوات المسلحة بمعلومات لم يكن يملكوها !
قال جَلِيل: دائما اقول بأن مروجي الطائفية أخطر من الإرهابيين!
ضحك أَبُو سُكينة: لا انسى يوم سميتم أمثال هذا بكونه مثقف نصف ردن، وكونه شبيه الارهابي في السيطرة التي...
أَبُو سُكينة هنا ــ عزيزي القاريء ــ يذكرنا بحكاية طريفة عن رجل مسيحي كان مسافرا مع زوجته، فاعترضته سيطرة لداعش فسأله الارهابي: هل أنت مسلم ؟ فأجاب المسيحي بنعم . فطلب منه الارهابي ان يقرأ له آية من القرآن فقرأ المسيحي شيئا من الانجيل، فقال له الارهابي :أمض بطريقك سالما ايها المسلم الصالح. الزوجة المرعوبة قالت لزوجها ماذا فعلت بنا، كيف تخاطر وتقول له انك مسلم ثم تقرأ له آية من الانجيل؟ فقال الزوج بكل ثقة :أطمأني يا حبيبتي لو كانوا يعرفون القرآن حقا لما صاروا ارهابيين !