اعمدة طريق الشعب

قراءة وابتسامة / قيس قاسم العجرش

لا أدري لماذا تذكرت تلك الدراسة. اطلعت عليها عام 2012، وكانت تُحصي مُعدّل ساعات القراءة اليومية لعيّنات استطلاعية من مواطني البلدان المختلفة حول العالم. وبالتأكيد غابت بيانات عدد كبير من البلدان، ومن بينها العراق ومُعظم بلدان الشرق الأوسط وتقريباً كلّ بلدان أفريقيا.
كانت الدراسة تهدف الى إيجاد علاقة بين العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المؤثرة في ميل الفرد الى القراءة، وبين عدد الساعات التي يقرأ فيها خلال الأسبوع الواحد.
والنتيجة بيّنت أن مُعدّل قراءة الفرد الواحد في الهند، والصين، وتايلند، أعلى من نظيره في بلدان متقدمة تكنولوجياً مثل فرنسا، والولايات المتحدة، وايطاليا، والمانيا. وينخفض هذا المعدّل أكثر، في كوريا واليابان. والسبب الأساس هو عدد الساعات المُقارنة التي يقضيها أصحاب معدّلات القراءة المُنخفضة في متابعة التواصل على الانترنيت واجابة الرسائل. اليابانيون يقرأون أقل من الهنود، لأن الهندي لا يتوفر له دائماً هاتف ذكي أو كومبيوتر لوحي ولا دخول الى الأنترنيت، هذه الاجهزة التي لا غنى عنها أثبتت كفاءتها في سرقة ساعات القراءة.
---
ترامب غلّب عامل الشك على جوهر الحقيقة، وأصبح كل عراقي أو ايراني أو سوري أو يمني أو صومالي مشكوك فيه، حتى لو سبق أن منحته الولايات المتحدة سمة دخول رسمية. ولهذا أصدر أمراً يرجئ فيه دخول هؤلاء الى الولايات المتحدة ريثما تجري مراجعة النظام بأكمله. لكنّ الانظمة في العادة لا تعتمد الشك قدر ما تنطلق من الحقائق. والسبب هو أيضاً موجة طلبات الهجرة القادمة من هذه البلدان.
في آخر زيارة لي الى الولايات المتحدة في العام الماضي، طلب منّي ضابط الجوازات في نيويورك(مطار جون كندي) أن أرافقه الى غرفة جانبية. الغرفة فيها صفٌ من الكراسي، وطلب منّي أن أجلس على أول كرسي منها، وأشار بإصبعه الى كرسي محدد. جلست هناك بينما أخذ جوازي وأوراق المهمة التي قدمت من أجلها. وما هي إلا دقائق حتى عاد إليّ وشكرني على انتظاري وقال لي إن بإمكاني أن أتمتع بالبقاء في الولايات المتحدة. لكنني كنت طوال هذه الدقائق مبتسماً ورافعاً وجهي الى ناحية في سقف الغرفة، وحين أعاد لي الجواز ابتسمت أكثر. هنا غلبه الفضول وسألني: أرجو أن لا تكون منزعجاً، لكن لماذا تبتسم؟ انه مجرّد اجراء روتيني. قلت(وأنا أبتسم أيضاً) : لا، أنا أبتسم للكاميرا المخفيّة في السقف، لأن صورتي في سجلاتكم كنت مُبتسماً فيها،ولا أريد أن أبدو على غير ما في الصورة، فيحتار الفاحص الخفي الذي يبحث عن معلوماتي الخاصة ودخولي السابق الى الولايات المتحدة. شكراً !