اعمدة طريق الشعب

فشل الإدارة الاقتصادية إلى متى ؟ / إبراهيم المشهداني

من المعروف ان الإدارة الاقتصادية الحصيفة في إي بلد تؤدي دورا مميزا في الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة بأقل جهد واقل وقت واقل كلفة عن طريق أدائها المتقن للوظائف الأساسية للإدارة من اجل تحقيق التوزيع العادل للثروة بين مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية حسب دورها في عملية الإنتاج الاجتماعي التي تديرها بأفضل الطرق . فهل كانت الإدارة الاقتصادية في بلادنا على قدر المسؤولية وفق هذا التوصيف ؟ العراق خلال العقود الثلاثة الأخيرة عانى عجزا كبيرا وخيبة في مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية في الصناعة والزراعة وخدمات الماء والكهرباء والتعليم والصحة والمواصلات والمياه وما إلى ذلك. وهذا ما يؤكده معظم الاقتصاديين والأكاديميين ورجال الإعمال في القطاع الخاص، وحصيلة العديد من المؤتمرات ومئات الندوات المتخصصة في مناقشة الوضع الاقتصادي الذي يتدهور يوما بعد آخر. هؤلاء يؤكدون أن ذلك حصل ولا يزال يحصل نتيجة للعديد من الأسباب ولكن الفشل الإداري يتقدمها جميعا وفي القطاع المالي على وجه الخصوص مما قاد إلى ضياع مئات المليارات من الدولارات كان من الممكن لو اختيرت الإدارات الكفوءة والنزيهة لكان العراق قد تبوأ مركز الصدارة في المنطقة . وحسب علمنا فان قانون الإصلاح الاقتصادي الذي اقره مجلس الوزراء في اجتماعه المنعقد في الثالث عشر من أيلول 2013 والذي دفع إلى مجلس النواب لتشريعه ومن ثم أعيد إلى مجلس الوزراء ووضع هناك في مجمدة المجلس ، كان يمكن ان يدفع بالاقتصاد العراقي خطوات الى الإمام لولا وجود العديد من الثغرات التي رافقته وأثارت الكثير من الجدل بسبب اختلاف الرؤى اذ يبدو ان القانون صيغ بطريقة تجامل توصيات دولية ومنها المؤسسات المالية الدولية المكلفة بتقديم المشورة إلى الحكومة العراقية. ومن الملاحظات التي قيلت في وقتها حول القانون احتوائه على منهجية إعادة الهيكلة الاقتصادية لما فيها من مضمون فكري وإيديولوجي صريح أحيانا ومضمر أحيانا أخرى ومحتوى اجتماعي تعبر عنه بطريقة توزيع الناتج والتكاليف والأعباء على الفئات والشرائح الاجتماعية المختلفة بشكل لا ينسجم كليا مع نصوص الدستور وروحه . والملاحظة الأخرى تتعلق بحوكمة مؤسسات الدولة التي تشكل واحدة من اهم الطرق الإدارية في إدارة عمل المؤسسات الاقتصادية سواء كانت المالية او الإنتاجية وغيرهما والوظيفة التي تؤديها والملاحظة الأخرى حول تشكيل مجلس للإصلاح الاقتصادي مع ما فيه من خلاف أشبه ما يكون بمجلس الخدمة الاتحادية الذي يراد اخضاعه لمنطق المحاصصة. لكن مفهوم الإدارة الرشيدة التي نطمح لها تواجه حزمة من التحديات لعل أهمها الهبوط في مستوى أسعار النفط والحرب الشرسة ضد الدواعش وتكاليفها الباهظة العسكرية والمدنية وضعف الابنية التحتية وتدهور بيئة الإعمال القادرة على تحفيز القطاع الخاص وسوءة المحاصصة الطائفية الاثنية وأثرها على إدارة الملف الاقتصادي والخدمي وتآكل احتياطي البنك المركزي ونتائج نافذة بيع العملة وما اقترنت بعملية فساد قل نظيرها في تاريخ العراق وتفاقم ظاهرة الفساد التي جرى التعامل معها بطرق خجولة لا تتناسب مع حجم الظاهرة . من هنا فان التردي الاقتصادي والاجتماعي وفي كافة المجالات يتطلب التعامل مع هذه الإشكالية بإدارة حكومية أكثر حصافة وعقلانية وجرأة من خلال :
• تفعيل مشروع قانون الإصلاح الاقتصادي وتنقيته من الفقرات غير الواضحة وصياغته بحسب ما يقتضيه واقع الاقتصاد العراقي وبعيدا عن التأثيرات الخارجية ذات الطابع الإيديولوجي .
• التوسع في تطبيق الحوكمة الإدارية في المجال المالي والإنتاجي والخدمي وبما يرتبط بالإطار المؤسسي والأنظمة المعتمدة في بناء الوحدة الاقتصادية وإدارتها .
• تشكيل مجالس قطاعية تعاقدية مرنة تسمح باجتذاب أفضل العقول والخبرات في المجال الاقتصادي والإداري تجنبا لآليات العمل الإداري المثقل بالروتين تتولى متابعة تنفيذ التشريعات في مختلف المؤسسات الحكومية .
• الكف عن المماطلة في تنفيذ قانون مجلس الخدمة الاتحادي وتشكيله من قيادات كفوءة ونزيهة بعيدا عن التعيينات على أساس المحاصصة التي خربت الدولة بكل معالمها ومقوماتها.