اعمدة طريق الشعب

حَيَوَانَاتٌ مُفترِسَةٌ !/ يوسف أبو الفوز

لم تخفت الضحكات بعد وصولنا بيت صديقي الصَدوق أَبُو سُكينة، بل تصاعدت حين انضممنا للاخرين وقد عرفنا السبب. فأبو جَلِيل ـ عزيزي القارئ ـ يخلق المفارقات كعادته، بدون أفتعال بسبب ضعف السمع. فإذ جرى الحديث عن إتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله بين العراق والكويت، وقال جَلِيل يجب عدم التسليم بأن الاتفاقية لا يمكن التفاوض عليها من جديد، وان الحكومة العراقية الحالية مطالبة بدراسة الاتفاقية من جديد، وعدم التفريط بسيادة العراق واستقلاله. وقالت سُكينة : تاريخيا ان كثيراً من مشاكلنا سببها اجتهادات بعض السياسيين الذين فرّطوا بحقوق الشعب. فقال أَبُو جَلِيل بغضب : ايه والله عمي، لا عاب لسانك، كثير من مشاكلنا بسبب من هؤلاء الذين فرطوا بحق الوطن والشعب !
تركتهم مشغولين مع أَبُو جَلِيل وتوجهت لسوزان ابنة جَلِيل وزميلة لها، كنّ في وقت سابق طلبنّ مني المساعدة في استذكار بعض المعلومات وهنّ يستعدّن للامتحان. ورغم كوني غير ضليع بما طلبنّ إلا اني حاولت قدر الامكان الاستفادة من بعض ما موجود في منهجهنّ الدراسي وما يرد في بعض مواقع الانترنيت عن الحيوانات البرية وهو موضوع الامتحان.
كنا نستذكر المعلومات مع بعض و كانت سوزان ذكرت ان الحيوانات البرية نوعان : الحيوانات البرية الاليفة والحيوانات البرية المفترسة، وراحت تعدد اسماءها على اطراف اصابعها. اما زميلتها فقد راحت تتحدث عن كون الحيوانات المفترسة غالبيتها حيوانات برية وحشية، تعيش بعيدا عن الانسان، ولكنها تشكل خطرا كبيرا على الانسان كون غالبيتها من أكلة اللحوم. حاولت ان أتوقف معهنّ عند التسميات العلمية لهذه الحيوانات حسب المنهج الدراسي، فالحيوانات البرية الاليفة تسمى»المستهلكات الاولى»، حيث تتغذى على النباتات، والحيوانات البرية المفترسة تسمى «المستهلكات الثانية « اذ تتغذى على «المستهلكات الاولى» .
كان أَبُو سُكينة غير بعيد عنا يتسمع لحديثنا، فخمنت انه أعجب بالموضوع ولذا ترك قفشات أَبُو جَلِيل وما اثير من احاديث حول موضوع خورعبدالله. لكنه فاجأني بقوله : لو رجعنا لكل مشاكل العراق امس واليوم وغدا راح نجد ان درسكم عن الحيوانات المفترسة ينطبق عليه تماما. فنحن عندنا من سياسيي الصدفة، من تنطبق عليهم كل هذه الصفات، فهم مفترسون وعدوانيون ولا يمكن للانسان التعامل معهم بسهولة، بل ويشكلون خطرا على الانسان وما حوله. وهم يتغذون ويعتاشون على فرائسهم الوديعة التي لا حول ولا قوة لها ، ويتفننون في تحديد فرائسهم ومكانها وطريقة مطادرتها والايقاع بها، وهم ينشطون ليلا ونهارا ، ولا يمكن الوثوق ببعضهم والاطمئنان لهم حتى وان تم ترويضهم !