اعمدة طريق الشعب

تبوك حسنه ويتعاقب حسين! / عاصي دالي

بدأت مشكلة الطاقة الكهربائية في العراق منذ حرب الخليج عام 1991 بعد غزو النظام المقبور دولة الكويت، والذي أدى إلى تدمير البنى التحتية من قبل قوى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وبطبيعة الحال شمل هذا التدمير بالإضافة إلى قطاع الكهرباء كل قطاعات الدولة الأخرى، ومنذ ذلك الوقت بدأت معاناة الشعب العراقي. فانقطاع التيار الكهربائي يعني إصابة المجتمع بالشلل التام، لأن الكهرباء عصب الحياة في كل شيء. ويرتبط بهذا القطاع الحيوي عمل جميع المصانع والمعامل والمحال التجارية، وكل ذلك ينعكس على المواطن العراقي، ما يجعله يعيش في دوامة الغلاء المعيشي والوضع الاقتصادي المتدهور، والبطالة.
وبعد التغيير عام 2003 كان الشعب العراقي يتطلع إلى حكومة تخلصه من كل الظلم والاضطهاد الذي عاناه في زمن ولّى وانتهى، كما كان يعتقد إن الحكومة التي رفعت شعار الديمقراطية, وشعار البناء والاعمار وخيرات الشعب للشعب، ستحقق كل أمنياته التي يصبو إليها.
ولكن للأسف الشديد كانت النتيجة نظاما مبنيا على أساس المحاصصة الطائفية والاثنية، أدى إلى تدهور أمني واجتماعي وفساد مالي وإداري يغزو اغلب مفاصل الدولة، وانتشرت الرشوة والسرقة، وفتحت المصارف حساباتها في الخارج لأصحاب الشعارات الرنانة، وأصبح المواطن العراقي يعاني قلة الخدمات مثل الماء والكهرباء و الصحة والتعليم وكذلك الزراعة والصناعة. ويعد قطاع الكهرباء والطاقة الأكثر فسادا رغم حجم الأموال الطائلة المخصصة له، إلى درجة أن مجموع المبالغ التي صرفت على هذا القطاع في البلاد تعادل ميزانية خمس دول من دول الجوار، وكل هذه المليارات التي استنزفت ميزانية الدولة ذهبت في جيوب الفاسدين، وهذا ما صرح به أكثر من مسؤول عراقي.
وبعد فشل القائمين على هذا الملف الحيوي في إيجاد حل لمشكلة الكهرباء، اتجهوا الى العمل على خصخصة هذا القطاع، وفتحه أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية، وزيادة تسعيرة الكهرباء الباهظة التي تثقل كاهل المواطن الذي يتحمل أخطاء الحكومات المتعاقبة منذ 14 عاما، وكأننا اليوم أمام معادلة «تبوك حسنة ويتعاقب حسين!».