اعمدة طريق الشعب

عيب! / قيس قاسم العجرش

المتظاهرون الأربعة الذين سقطوا في تظاهرة السبت 11 شباط 2017، في الحقيقة ماتوا قبل هذا التاريخ. بالأصل لا نعلم إن كانوا أربعة أو أكثر من هذا العدد، لكنني متأكد من مقتل ثلاثة منهم على الأقل وفقاً لتقرير مصوّر أعدّه زملاء لي حضروا التظاهرة.
كيف ماتوا قبل هذا التاريخ؟.
لقد قُتلوا يوم السبت 19 حزيران عام 2010 تحديداً.
كان ذلك اليوم يشبه فرناً للشواء مرّت به البصرة الكريمة في ذلك الصيف القائظ. بات البصريون ليال بلا كهرباء وبلا تفسير يحترم عقولهم. ولأن البصرة فيها من الشباب ما يكفي لتحميل الحكومات(محلية أو مركزية) مسؤولية انهيار المنظومة الكهربائية التي صرفت عليها مبالغ يمكن أن توفر مولدة خاصة للتيار الكهربائي في كل بيت عراقي، فقد رفضوا أن تعاملهم الحكومة مثل السجناء المسيئين الذين لا حقوق لهم، وخرجوا في تظاهرة تُحمّل(المجرمين المسيئين) الحقيقيين مسؤولية التدهور في حال الطاقة الكهربائية.
خرج الشباب والشيب يتظاهرون ضمن حقهم الدستوري في قول رأيهم، والصدوح بأصواتهم. لكن العفاريت تقافزت من آذان ووجوه المسؤولين، واعترتهم سورة غضب. فلماذا يتظاهر أهل البصرة وهم لم يفعلوا ذلك في عهد النظام السابق ؟ ظن هؤلاء الموهومون من المسؤولين أن للمواطن حقا واحدا، هو أن ينتخبهم مرّة كل أربع سنين. ونزلت الشرطة الى الشارع، وواجهت بحماقة صيحات الناس الأحرار الذين لم يخافوا من قبل طغمة النظام السابق، فلماذا يخافون مجموعة فاسدة الآن؟
الصيحات والتظاهرات قوبلت بالنار المباشرة وسقط شهيد في تلك اللحظة ، هو الشهيد (حيدر سلمان). في وقتها لم يكن الربيع العربي قد بدأ بعد، لكن عائلة حيدر سلمان الشاب الذي يعتاش من بيع الماء في البصرة، فقدت معيلها ووالد البنت الوحيدة لتلك العائلة. تم تمييع القضية، وأفلت العسكري الذي صوّب النار الحيّة في اتجاه المتظاهرين بلا وعي وبلا أخلاق، ووجد من يسوّغ له فعلته ويضبب الجو حولها. وذهب دم حيدر هدرا.
في تلك اللحظة التي أفلت فيها ذلك الشرطي القاتل من العقاب، تُرك المجال بعده للمسؤولين كي يسيؤوا الأدب، وترك المجال لهم أيضاً كي يكذبوا ويفسدوا بلا توقّع للحساب، وترك المجال أيضاً لمزيد من الحمقى كي يرتكبوا ما ارتكبوه من قتل للمتظاهرين يوم أمس الأول السبت.
معيب جدأً جداً، ما اقترفتموه.