اعمدة طريق الشعب

هل من الخطيئة ان نحب ؟! / عماد جاسم

مذ تعرفت مسامعنا على غناء العشق , وتبادلنا نظرات الاستحسان مع بنت الجيران..
مذ اشعلت في نفوسنا حريق الهيام, بطلته البهية مدرسة اللغة العربية التي تمطرنا كل صباح بوابل من ابتسامات الغنج , وهي تستهل الدرس بقصيدة قبانية.
مذ لازمنا ذلك المذياع الصغير في ليالي سطوحنا الساهرة ونحن ننصت بوجل جارف لسحر العندليب مع مداح القمر واعز الناس حبايبنا. مذ كتبنا أول خاطرة لحبيبة لم تلتفت لذلك الجنون , عرفناها - خطيئة الحب - التي يزعمون !! تلك الخطيئة التي ارغمت طفولتنا على الانتصار , وضياءنا على ان يشاكس العتمة..
بأي ذريعة يحرّمون الحب واعياده؟ وبأي نصوص يسترشدون في تحريم الوئام ولذة الهيام ؟؟
تلك السنون التي سارت بنا محملة بعبق علاقات المحبة التي رطبت اليباس في النفوس، هي نفس السنين التي تقودنا الى حكمة عشق الحياة لأنها تنطوي على سحر لا يماثله سحر , وهو ملاذ الحب الذي يطعمنا من جوع، ويؤوينا من خوف وصقيع وبلادة ايام .
ان كانت ثمة خطيئة لا بد من الاعتراف بها في زمن التوحش ورغبة الاستحواذ وهيمنة خطاب الكراهية. فما اجمل الاعتراف بخطيئة الحب , التي تتوج ايامنا بأصدق المشاعر وأعمقها , وتجعلنا اقل قسوة وأكثر تشبثا بالأرض والوطن والأصدقاء..
ان كنت لا تعرف طعمه يا صاح ..!! فتمهل قبل اتهامنا بالفسق والرذيلة والجنون ..
وتعال نتعرف على ايام غاب عنها الوجد والتغني والصبابة .. تعال نتعرف على ايام ترتدي قتامة غياب الانس وشهد المشاركة الوجدانية .. تعال نتعرف على ضياع حدائق التضامن الانساني وواحات التآخي..!!
هل البحث عن الفجر في ليالي التوحد خطيئة ؟؟ هل الظفر بينبوع الامل في صحراء الروح خطيئة ؟؟ هل امتلاك سر الوجود خطيئة ؟؟؟ هل اقتناص السعادة المشتهاة خطيئة ؟؟
ان كان كل ذلك خطيئة، فنحن نعترف بمعاصينا ونبتهج بها لأنها تكسبنا احترام الذات ويقين البقاء على قيد الامل!!