اعمدة طريق الشعب

خارج النسق... اورام الأنا ..!/ عماد جاسم

يستفحل هذا الخطر عندما يتدرج شخص ما في صعوده لمراتب المجتمع العليا , ليكون على سبيل المثال سياسيا او مسؤولا او صحفيا او مذيعا او فنانا او مثقفا مشهورا .. فيدخل في قوقعة ذلك الوهم متناسيا ان نجاحه قد يقتصر على حقل ابداعه او مجال اهتمامه , ليتصور انه العارف المتبحر في علوم الدنيا وآدابها , ونادرا ما يعود لاستذكار ضربة الحظ التي شكلت في حياته انعطافة، وليتحول من انسان عادي الى شخص تلتقط معه الصور والسيلفلي تحديدا!
من هنا يبدأ هذا المرض بالنمو ليكون عائقا في عملية مراجعة الذات وتقويم الاخطاء .. ليضع هذا المشهور تلك السدادات في اذنيه وليطلق العنان للسانه الناطق بالحكمة ولخياله الطافح بالحكايا في كل حوار وفي اي نقاش وعند اي برنامج تلفزيوني، فكيف لا وهو النافذ البصيرة والمتعدد المواهب؟
كل كلمات المديح ونظرات الاعجاب تدفع صاحبنا إلى مزاولة وممارسة رياضة التباهي واحتقار الرأي الاخر.. انه الساخر دوما من لغة العامة وتصوراتهم, فهم لم يجالسوا رئيس الجمهورية , ولم يلتقطوا صورا مع رئيس الحكومة ولم تكن لهم اي علاقة بولائم تجمع قادات البلد وفاسديه !
انه مرض الوهم بان الحق لا يفارق مدخرات ذلك المتورم , معربا في كل حين عن خسارة وجوده في هذا البلد! وعن قدرته في حل كل المشاكل، وان الحمقى من البسطاء هم الذين يعكرون مزاجه ..!
هو يمتلك فماً فقط بعد ان عطل حواسه الاخرى من آذان لسماع طروحات جديدة, او عقل متفتح للتعرف على وجهات نظر تخدم تكوين التصورات في اتجاه معرفي او اي منحى مجتمعي ..
هذا المتورم بذاته يفتك بقدرتنا على تأسيس واحة للحوار الانساني الخلاق، وهو نتاج احزاب وتيارات تمجد الصوت المرتفع , ومن المهم تدارك ذلك الخطر حتى لا يكون وباء يغزو ملتقياتنا ويتربع في وسائل اعلامنا ..