اعمدة طريق الشعب

وينه التقاعد وينه.. والمتقاعد انهدم حيله؟! / محمد موزان الجعيفري

المتقاعدون شريحة واسعة بنت وخدمت العراق بكل جد واخلاص منذ تأسيس الدولة العراقية، واصبح الكثير منهم لا يتحمل معاناة المراجعة والانتظار، ناهيك عن تدني رواتبهم مقارنة بأسعار السوق المتصاعدة والضرائب المتلاحقة قياساً برواتب المسؤولين الخيالية!
فلا يعقل ان يتحملوا وزر فشل الحكومة واهدار ثروات البلد وخيراته. فهم لم ينهبوا المال العام كما هو الحال بعد احتلال عام 2003، مليارات الدولارات فقدت بحجة الصفقات المشبوهة والعقود الوهمية نهبها المسؤولون المتنفذون وسربوها الى الخارج، والآن يحاولون ترميم ما خربوه بالاستقطاعات من رواتب الموظفين والمتقاعدين وفرض الضرائب، وهذا لا يعقل ولا يجوز شرعاً ولا قانوناً.
موازنة عام 2017 هي كذلك زاخرة وسخية بالاستقطاعات من المتقاعدين والموظفين، وفي نهاية كل شهرين يعيش المتقاعدون في دوامة بانتظار نزول الرواتب من الدوائر والمصارف المعنية التي لا تبالي ولا تحس بهم، وترسل قوائم الرواتب الى مراكز التوزيع. والمتقاعدون يقفون يومياً في طوابير امام موظفي المصارف ومكاتب التوزيع وهم في لهفة لاستلام رواتبهم، ومعظمهم لا يقوى على الوقوف اصلا لساعات لاستلام تلك الدنانير الشحيحة، وهم يرددون في داخلهم «وين التقاعد وينه .. والمتقاعد انهدم حيله!». هذه الرواتب التي تكاد لا تكفي لتغطية مصاريف علاجهم بعد ان فتكت بهم امراض السكر والضغط والمفاصل والفقرات والعيون والذبحة الصدرية, وعند السؤال عن مبالغ الاستقطاعات المتفاوتة شهرا بعد شهر يقال لهم «يله وقع هنا» وراجع دائرة التقاعد..
ان معظم دول العالم ترسل رواتب المتقاعدين الى حساباتهم مباشرة ونحن نعرضهم الى المعاناة الجسدية والنفسية، وكأنهم ارتكبوا معاصي. لذلك يتطلب من المسؤولين الشعور بمعاناة هذه الشريحة الكبيرة واعادة النظر في رواتبها وجعلها تتناسب مع اسعار السوق الملتهبة، وايجاد آلية ثابتة لصرف الرواتب بأسلوب يغني المتقاعدين عن المراجعات المتعبة. الم يشعر المسؤولون بمعاناة ابائهم المتقاعدين وهمومهم هذه، لا سيما انهم مسؤولون عن عوائل و دفع اجور كهرباء وماء ومتطلبات المعيشة؟ المتقاعدون يتساءلون امام المصارف ومكاتب التوزيع (كي كارد) هل يرضى السادة المسؤولون ان تتأخر رواتبهم الشهرية مثلنا؟
هي تساؤلات يضعها المتقاعدون امام انظار الجهات المسؤولة في مجلس النواب والمالية وهيئة التقاعد العامة مطالبين من لا يستطيع اداء واجبه بدقة وامانة، ويتسبب في تعذيب المواطنين ويلحق ضررا بقوت الشعب، بأن يتنحى جانباً ويحل محله من له القدرة والكفاءة والحس الوطني والحرص على شؤون المواطنين، بدلاً من التصريحات الصحفية الرنانة والظهور على القنوات الفضائية التي ملها المواطنون والتي لا تغني ولا تسمن. كفى.. كفى يا سادة يا مسؤولين.. كفى تعذيباً للمتقاعدين، ويكفي الاستهانة بمقدرات هؤلاء الناس الذين اوصلتموهم الى قاع الفقر.. و احذروا غضب المتقاعدين والفقراء اجمعين!