اعمدة طريق الشعب

دور قطاع المال في تفعيل العملية التنموية / إبراهيم المشهداني

إن الأزمة الاقتصادية العامة وخصوصا المالية منها تشكل قلقا بالغا على المستوين الرسمي والشعبي. ولم تستطع كافة الإجراءات التي اتخذتها الدولة تمكين الحكومة من التوصل إلى حلول جذرية لتلك الأزمة بالرغم من مرور ثلاث سنوات على تشكيلها لأسباب موضوعية وذاتية كتب عنها الكثير .
ولا شك ان الحكومة من خلال وزارة المالية تعنى بشكل أساسي في إدارة السياسة المالية وفقا لقانون الإدارة المالية والدين العام رقم 95 لسنة 2004 الذي يتطلب تعديل بعض مواده بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية الراهنة ومعالجة الإشكاليات التي تواجهها فيما يتعلق بالموازنة الاتحادية العامة وفلسفتها المتعلقة بفرضيات تستدعي المراجعة وعملية إدارة الإيرادات والنفقات ومشكلات الضريبة العاجزة عن الإسهام في سد العجز المالي بسبب الفساد المستشري في أجهزتها منذ عقود .
ولا يغيب عن بال المهتمين بالشأن الاقتصادي ما للبنك المركزي من دور كبير في عملية تدعيم التنمية الاقتصادية المستدامة بالإضافة إلى مهماته في معالجة التضخم وتحديد سعر الصرف للدينار العراقي ، لكن مؤاخذات عديدة لا تزال قائمة على السياسة النقدية التي يمارسها البنك ومنها مثلا توجهه في عام 2015 إلى تخفيض سعر صرف الدينار العراقي الذي قاد إلى تحويل المدخرات من الدينار إلى الدولار مما اضعف السيطرة على سعر الصرف والاندفاع الى الطلب على الدولار وخلق بيئة مناسبة لعمليات مضاربة حققت للقائمين بها أرباحا فاحشة مستغلين الفجوة بين شراء الدولار من نافذة البنك المركزي وبيعها في السوق وهي لا تدخل في النظام الضريبي، هذا فضلا عن عمليات التهريب من خلال النافذة .
ويتحمل القطاع المصرفي مسؤولية كبيرة في تداعيات الاقتصاد العراقي من خلال ضعف الأداء في إدارة الودائع فحسب تقارير البنك المركزي فان حجم هذه الودائع لا يتعدى 50 تريليون دينار عام 2013 أي بنسبة 19في المائة من الناتج المحلي الإجمالي فيما يوجد من الأموال المكتنزة لدى الإفراد أكثر من 30 تريليون دينار ما يؤشر عجزا مصرفيا في جذب هذه الأموال إلى عمليات الادخار وبالتالي توظيفها في الاستثمار، وفي قطاع الإنتاج بهدف معالجة فرص ضائعة في أكثر من 6 آلاف مشروع متوقف في علامة مميزة للفساد المالي والإداري كتب عنها الكثير ترتبت عليها خسائر فادحة من الصعب تصورها سواء من خلال الأموال المهدورة فيها التي تزيد عن مائة مليار دولار او خسائر في فرص التشغيل وخسائر في الإنتاج المتوقع عند دوران عجلتها .
إن مراجعة سياسات هذا القطاع أصبحت من موجبات تعافيه مما يتعين إدراج هذه المهمة على جدول أعمال الحكومة بوصفها المسؤولة المباشرة عن وضع الاستراتجيات الاقتصادية وتحسين الأداء الاقتصادي. ونشير هنا إلى بعض المقترحات لما لها حسب رأينا من أهمية:
1. إعادة النظر في فلسفة الموازنات السنوية وبنائها على أساس البرامج وليس البنود وإعادة النظر في إدارة الإيرادات المالية والنفقات ومحاربة الغلو في الانفاق غير المبرر أينما وجد وإعادة تنظيم القواعد والقوانين الضريبية بما يحصنها من عمليات الفساد .
2. تشريع قانون لشركة ضمان الودائع المصرفية التي تقرر تشكيلها من قبل الحكومة في السابع من شهر تموز عام 2016 لتحفيز المواطنين على الادخار .
3. تنشيط العمليات الادخارية من خلال توفير الضمانات ورفع نسبة الفوائد على الودائع الثابتة بصورة تصاعدية تبعا لسنوات الإيداع ودعوة المصارف الحكومية والأهلية إلى المساهمة في عملية الاستثمار في القطاع الإنتاجي عبر اسلوب المشاركة من اجل تقليل نسب المخاطر .
4. قيام البنك المركزي بإلغاء الهامش بين سعر الشراء من نافذته والبيع في السوق ووضع تعليمات محددة وواضحة لتلبية الطلب المشروع على الدولار من خلال توثيق الاعتمادات المستندية او تغطية نفقات المعالجات الطبية او الدراسة في الخارج او تحويلات المواطنين نتيجة تصفية ممتلكاتهم المشروطة بتوفر الوثائق الرسمية واستمرار سعي الدولة الى رفع سقف التصنيف الائتماني لتعزيز الثقة بالقطاع المالي لدى المصارف الأجنبية .