اعمدة طريق الشعب

قانونا الانتخابات والحقيقة المكشوفة / راصد الطريق

في اجواء اللغط المتواصل بشأن قانوني الانتخابات البرلمانية والمحلية والحاجة الى تعديلهما، والسجالات غير المنقطعة بين الاطراف السياسية النافذة في خصوص ما هو مطروح او يخطط لطرحه من مشاريع تعديل للقانونين، يثار تساؤل مشروع حول ما اذا كانت الاطراف المذكورة جادة حقا في اجراء انتخابات مجالس المحافظات في اواسط شهر ايلول القادم، مثلما هو معلن؟ ام ان الغاية من التصريحات والتصريحات المضادة وتبادل الاتهامات في هذا الشأن تنحصر في تهيئة اجواء مواتية لتأجيل الاستحقاق الانتخابي؟
واذا كان التأجيل هو الهدف النهائي الذي يسعون اليه، فما الذي يبغون من ورائه؟
ولكن قبل هذا: هل هناك ما يمكن ان يبرر السعي الى التأجيل؟
لا ريب في ان الحراك الشعبي مثلا سيرحب بالتأجيل الى حين رحيل المجلس الحالي لمفوضية الانتخابات (الذي ينتهي تفويضه في نهاية ايلول المقبل) المُشكل على اساس المحاصصة الطائفية والحزبية، وتشكيل مجلس جديد مستقل فعلا ونزيه، ويمكن الركون الى حياديته ومهنيته في ادارة العملية الانتخابية .
اما المتحكمون في القرار السياسي فينطلق سعيهم الى التأجيل من نقطة مختلفة تماما، هي الرغبة في الابقاء على مجالس المحافظات القائمة التي يهيمنون عليها، الى حين تعديل القانون النافذ لانتخاب هذه المجالس. فهذا القانون المنصف نسبيا، والذي اتاح وصول عدد محدود من ممثلي القوى «الصغيرة» الى المجالس في الانتخابات السابقة، هو ما يثير حفيظتهم وما يريدون «تعديله». ذلك انهم لا يطيقون وجود اي منفذ يمكن لغير ممثليهم ان يفوز من خلاله بعضوية ايّ مجلس من المجالس! وكأن القليلين من اعضاء المجالس الحالية، الذين يمثلون قوى اخرى غير الاحزاب والكتل المهيمنة، هم وليس المتنفذون انفسهم وصراعاتهم، من تسبب في عطل هذه المجالس وفشلها وعجزها!
وهذا ينطبق ايضا على موقفهم من القانون الحالي لانتخاب مجلس النواب، الذي تتصاعد المطالبة الشعبية بتعديله ليكون ديمقراطيا عادلا ومنصفا، يضمن مجيء برلمان يمثل ارادة الشعب والناخبين بحق.
فهم كذلك يريدون «تعديل» هذا القانون، انما في الاتجاه المعاكس: ليكون اشد كثيرا في عدم انصافه ولاديمقراطيته، فيقطع الطريق على وصول اي مرشح من خارج قوائمهم الانتخابية الى مجلس النواب، فيعزز سيطرتهم عليه وتحكمهم به، ويحبط في النهاية حراك جماهير الشعب من اجل الاصلاح والتغيير !
تلك هي الحقيقة التي لم ولن يفصحوا يوما عنها او يعترفوا بها، بل ويسعون بكل الوسائل الى التسترعليها وإبعاد الانظار عنها. معتقدين كما يبدو ان احدا من عامة الناس الذين يستصغرونهم ويستهينون بوعيهم، لا يدركها.
لكنهم هنا في وهم عظيم!