اعمدة طريق الشعب

وزارة مهجورة ؟! / عماد جاسم

حدث هذا في التاسع من آذار الحالي، صباح الخميس. يتقاطر المراجعون على بناية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الباب الشرقي ليجدوا عبارات بعضها مهذب وبعضها يستبطن السخرية تخرج من افواه موظفين تعودوا ان يروا في وجوه المراجعين علامات الحيرة والاستنكار لخلو اغلب مكاتب السادة المسؤولين الكبار، وبالأخص في ايام الخميس والتبريرات جاهزة لان الكثير من المسؤولين لديهم تفرغ لإلقاء محاضرات في كلياتهم .. او لأجل اكمال النصاب اوللمساهمة في ندوة عن الترهل الاداري والفساد الوظيفي!
... مكاتب وكلاء الوزير الفارهة المزدانة بأغلى انواع الاثاث وأفخره .. مزدانة ايضا بحراس ذوي اجسام عملاقة يتقاضون الرواتب لقاء تكرار عبارات ادمنوا قولها ( السيد الوكيل ما موجود ) ...
طبعي المشاكس دفعني للاستفسار عن اسباب الغياب المزعوم.
الوكيل الكردي موجود في كردستان مع كل مرافقيه لان موسم الربيع بدأ ومن المعيب ان يسأله احد عن اسباب سفره!
الوكلاء الآخرون .. مع اغلب موظفيهم وهم من نفس احزابهم عموماً .. لديهم مشاركات في مؤتمرات بحثية للارتقاء بمستوى التعليم العالي ... !
وللحديث عن المدراء والمستشارين فلا بد من التبحر اكثر في نوع المهام التي تناط لهم... فهم في حالة شكوى متواصلة تدمي القلوب .. ابوابهم لا تطرق الا لأصحاب (المحابس) الخواتم الدينية والعشائرية والحزبية.. مكاتب السكرتارية مدججة بالأقارب المنزوعي الرحمة والابتسامة ...
من ذا الذي يحظى بمقابلة السيد العام؟ وهو المشغول دوما باجتماعات النهوض بالواقع التعليمي ...!
هذه البلوى وصلت عدواها الى رؤساء الجامعات .. انهم اصحاب العروش .. سلاطين من نوع اخر يفوق ما نسمعه من حكايات الف ليلة وليلة ... هل يعقل ان يكون لرئيس جامعة بغداد ثلاثة مكاتب سكرتارية ؟ هل يعقل ان يتوقف على بابه لأكثر من ساعتين اساتذة جامعيون كانوا قدموا طلبات اللقاء بسيادته قبل اكثر من اسبوع ... ؟
جولة سريعة في مراكز الجامعة وبعض كلياتها بعد الساعة ال12 ستصيبك الدهشة ..
يبدأ حشد السيارات بالخروج المبكر وتقابل بالسخرية عندما تسأل عن مدير مركز ما او عميد كلية .. فقد اعتادوا الهروب قبل بدء الزحام في بوابة الجامعة التي نجحت اخيرا في تحويل معظم حدائقها الى كراجات او مواقف للسيارات لمضاعفة الايرادات المالية للجامعة,, الباحثة عن موارد اضافية وهي تبتكر تبريرات مضحكة لاستحصال المبالغ بحجة التقشف.
فما ان تدخل الى اروقة ودهاليز تلك المراكز البحثية المترهلة حتى تجد الافكار التي تصب في صالح الموارد على حساب الجدوى والمادة العلمية ... مركز التعليم المستمر يتقاضى مئتي الف دينار لقاء دورة اجبارية للتدريسيين لمدة اسبوع تتضمن معلومات بدائية مخجلة .. ومراكز اخرى تطلق على نفسها (مختصة) تحوي العشرات من المتكاسلين الذين يقضون معظم اوقاتهم في اعداد وجبات الافطار التي تفوح رائحتها في اروقة وغرف تلك المراكز البحثية!
وأخيرا لا بد من التذكير ان الشعوب التي تطورت عبر العقود الاخيرة ضاعفت من اهتمامها بالمراكز البحثية والجامعات وقيادات التعليم .. وصبت جل تركيزها على اليات الارتقاء بالعقل والإبداع والتقليل من الروتين والبيروقراطية.
هذا المشهد المضحك المبكي نضعه امام السيد الوزير.