اعمدة طريق الشعب

احذروا غضب الفقراء! / عاصي دالي

في أغلب دول العالم ينعم المتقاعدون بنعم كثيرة, ويحصلون على امتيازات راقية، ويعيشون عيشة مطمئنة مرضية ومضمونة, وان حكومات بلدانهم تنظر اليهم بعين التقدير والاحترام والرعاية والاهتمام, لأنهم هم من أرسى حجر الأساس في بناء حضارة البلد، وساهموا في ازدهاره، وتركوا بصماتهم المشهودة على الواقع الاقتصادي والاجتماعي لشعوبهم. فالمتقاعدون في الدول الملتزمة بعروة العطاء والمحبة والخدمات, يعيشون في أهدأ بال وأحسن حال، ويتمتعون برعاية متواصلة, وعناية متجددة. كما انهم يحتلون مكانة عالية لا يمكن تجاهلها. هذا واقع المتقاعدين في الدول الحريصة عليهم, المتفقدة طلباتهم, والمنفذة رغباتهم، ولكن للاسف الشديد يعيش المتقاعدون العراقيون مآسي وعذابات, ونفوسهم جريحة، وقلوبهم ممزقة, وطموحاتهم محطمة, وأمانيهم تتراقص في الخيال. ويعانون شتى صنوف العوز والشقاء والحرمان والقهر والفاقة والافتقار، مع العلم ان هناك حقيقة يجب أن يعرفها الجميع، وهي ان المتقاعدين يتسلمون رواتبهم بشكل استحقاقات وليس منة أو صدقة من الدولة، حيث ترتبت لهم تلك الاستحقاقات من خلال التوقيفات المستقطعة منهم طوال خدمتهم الوظيفية، وبنسبة 7 في المائة من رواتبهم الشهرية، تضاف اليها نسبة 15 في المائة كمساهمة من الدائرة التي يعملون فيها - كما نصت الفقرة (ب) من المادة التاسعة من قانون التقاعد الموحد، وبذلك يصل مجموع الاستقطاع الشهري إلى أكثر من 20 في المائة، اي خمس الراتب، وقد استمر ذلك لعقود طويلة من الزمن ووضعت تلك المبالغ آنذاك في صندوق التقاعد، واستثمرت في المشاريع وأسهم الشركات والعقارات، حتى درّت أرباحا طائلة بلغت كماً كبيراً من المليارات. يفترض ان تصرف رواتب المتقاعدين من ريع الاستقطاعات وأرباحها، وأن تضمن معيشتهم وعائلاتهم، لا أن تهدد المصارف بعدم صرف رواتبهم في هذا الشهر أو ذاك، بحجة تأخر هيئة التقاعد في تغذية مبالغ الرواتب!
لا ندري هل ان للمتقاعدين ذنب في تأخر تغذية مبالغ الرواتب؟ وكيف سيعيش من يعد الأيام والساعات منتظرا راتبه الشهري، الذي يعد المصدر الوحيد لمعيشته وعائلته؟
لن نقول للظالمين سوى: احذروا غضب الفقراء!