اعمدة طريق الشعب

البرلمان ورقابة الضمير!! / عماد جاسم

كما هو معلوم , فان من اهم المهام لعضو مجلس النواب التشريع والمراقبة, اي العمل على انتقاء القوانين الانسب للشعب, ومحاولة تشريعها لتحقيق العدالة المجتمعية، مع مراقبة اداء المؤسسات التنفيذية بما فيها وزارات الدولة, كذلك التوجه لتقديم مقترح لرئاسة البرلمان لاستجواب الوزراء والمسؤولين المتباطئين او الخاملين او من عليهم شبهة فساد. لكن للأسف اتخذ بعض النواب قضية الاستجواب ذريعة للانتقام السياسي او محاولة تهديد الوزراء لقضاء وتمشية معاملاتهم الخاصة .. فكثيرا ما يحاول النائب التلويح بورقة الاستجواب النيابية لتخويف الوزير، الذي قد يخضع لهذا الابتزاز ويقبل بصفقات معينة او على طلبات غير منطقية وغير قانونية للنائب الذي يتأبط ( فايلات التعيين واعتمادات الشركات) مهرولا بين المؤسسات الحكومية وملوحا بالكارت الاصفر للمدراء والوزراء .. وقد تتجاوز مطالب السيد النائب لتأكيد دوره الرقابي المزعوم !! مجرد اعلان رغبته في القيام بزيارات تفقدية للمؤسسات التربوية والتعليمية.. وهو ما حصل مؤخرا لأحد اعضاء لجنة التعليم العالي في مجلس النواب، الذي يريد تلميع صورته والتمهيد لمعركته الانتخابية، فبدا متعطشا لالقاء الكلمات والخطب والمواعظ في الصروح التعليمية وبالأخص في جامعة بغداد !! فما كان من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الا منع صعوده الى منصة الخطابة اثناء احد الاحتفالات الخاصة بالجامعة .. ولعله القرار الاسلم الذي يحسب لقيادات الجامعة ووزارة التعليم العالي لتثبيت مبدأ استقلالية المؤسسات الاكاديمية وإبعادها عن شبح التناحر والتنافس السياسي ..
وما كان من صاحبنا النائب الذي لم يسمع له صوت او موقف طول وجوده تحت قبة البرلمان الا ان سارع للانتقام بجمع تواقيع تندد بوزير التعليم العالي وهو الوزير التكنوقراط الذي يحاول اليوم التقليل من المحسوبية السياسية وتحجيم تدخل السياسيين في عمل الوزارة مما اثار استياء بعض النواب ومنهم النائب المذكور الانيق دوما !! والذي يحاول التذكير بانه صاحب بلاغة صوتية ليس عبر مداخلات النقاش في مجلس النواب المعني بتوفير البيئة المناسبة لحياة افضل للعراقيين وإنما عبر مايكات وسائل الاعلام المتواجدة في احتفال جامعي ..
هذا النائب الهمام الذي جمع اليوم ما يقارب من خمسين صوتا لاستجواب الوزير التكنوقراط يطمح على ما يبدو (بكسر خشوم) الوزراء الراغبين في تنفيذ اهداف التطوير وفق مبدأ العمل المستقل غير الخاضع للاجندات الحزبية والأمزجة السياسية التي ادت الى تراجع في مختلف الحقول المعرفية والإنتاجية ...
وبات لزاما اليوم ان يتجرد ممثلو الشعب من مواقفهم الشخصية وان يضعوا اولويات مصلحة البلد فوق تلك الاعتبارات الذاتية التي اثرت على شعبية البرلمان, حتى ان السخرية لا تفارق احاديث العراقيين عندما يذكر اسم البرلمان.
وكثيرا ما تتجدد المطالب الجماهيرية في اغلب المظاهرات والاعتصامات بتقليل اعدادهم والتخفيف على الموازنة المالية للدولة نتيجة كثرة حماياتهم ورواتبهم الفلكية وسياراتهم الباهظة الثمن...