اعمدة طريق الشعب

لماذا الإصلاح الثقافي ؟! / عبدالسادة البصري

قبل أسبوعين قدّمتُ الأستاذ مفيد الجزائري ليلقي محاضرته حول الإصلاح الثقافي في رابطة مصطفى جمال الدين الأدبية ، وهي المحاضرة التي ألقاها أيضا في مقر اتحاد الأدباء والكتاب في البصرة تحدث فيها عن أهمية الإصلاح الثقافي ، وآلية الاشتغال عليه ، مستذكراً توصيات مؤتمر المثقفين العراقيين الذي عُقد في نيسان عام 2005 والتي خرجت بعد مناقشات وورش عملٍ لعدد كبير من المثقفين العراقيين في شتى مجالات الإبداع الثقافي ، وكيفية السعي لتحقيقها عبر مؤتمرات ولقاءات وندوات عدة لتدارس الواقع الثقافي من جميع جوانبه ابتداءً من البنى التحتية للثقافة وكيفية انجازها مروراً بالدعم المالي وآلية التخطيط له وصولاً الى ما يصبو اليه المثقف الحقيقي الذي يحمل همَّ الوطن والناس بين جنبيه!
استذكرت الآن هاتين الندوتين وأنا أقرأ وأسمع عن توقف إصدار مجلات أدبية وثقافية تصدرها دار الشؤون الثقافية العامة مثل ( آفاق أدبية ، الأقلام ، المورد وغيرها ) وتحويل بعض الأماكن الثقافية الى أسواق ( مولات ) يمتلكها عدد من المستثمرين تاركين أصحاب الشأن من الأدباء والفنانين يقتعدون الرصيف ضاربين أخماساً بأسداس ،، كما سمعت قبل أيام عن أوامر برفع كشك ( ناصر أبو الجرايد ) في ساحة أم البروم وسط العشّار في البصرة والذي يعتبر المحطة الرئيسية التي يلتقي عندها الأدباء والمثقفون مع بعضهم إضافة الى كونه صندوق بريدهم من الكتب والمجلات وغيرها فيما بينهم وبين زملائهم من المحافظات الأخرى أيضا!
لا دور للأوبرا، لا مسارح، لا غاليريهات ، لا قاعات للعروض الموسيقية وجلسات الشعر ، لا مكتبات عامة ، لا دور نشر ، لا مطابع ..الخ، ونتبجح بالإعلان عن هذه المدينة عاصمة للثقافة العراقية وتلك للثقافة العربية كما نتحدث عن ارث ثقافي ومعرفي يمتد لآلاف السنين؟!
نعم نحن صنّاع حضارة ، ولدينا من الثقافة والمعرفة ارث كبير ولكن تركناه في مهب الريح لتطوّح به يميناً وشمالا!
اليوم ونحن نشاهد هذا العداء المخيف للثقافة وهذه الحرب الخفية لتحييد المثقفين وإبعادهم عن الساحة كي يظل الوطن نهباً للفاسدين والمتآمرين وبائعي الضمير يعتصرنا الألم على كل شيء، لهذا علينا أن نضع أيدينا مع بعض ونرفع أكفنا عاليا بوجه كل من يريد الخراب للثقافة والناس والوطن، وان نبدأ عملية الإصلاح التي لابدّ منها سواء في الثقافة أو في أي مفصل من مفاصل الحياة في وطننا ، ولتكن البداية بورقة الإصلاح التي دعا لها مؤتمر المثقفين العراقيين قبل اثني عشر عاماً .