اعمدة طريق الشعب

شباب دائم / محمد عبد الرحمن

قبل يومين حلّ عيد تأسيس الحزب الشيوعي العراقي، واحتفل الكثيرون ، كل على طريقته ، بهذه المناسبة العزيزة ليس على الشيوعيين وحسب ، بل وعلى اصدقائهم ومناصريهم ، وعلى بقية العراقيين الذين يتمتعون بقدر من الموضوعية في قراءة الاحداث وتطوراتها ، ماضيا وحاضرا ، وينشدون الخير والسلام والرفاه والتقدم لبلدنا .
قراءة في الاحتفالات وسعتها وكثرتها واشكال تجلياتها تقول بثقة ان الحزب ليس فقط ماضيا وتاريخا ناصعا وتضحيات وشهداء ومواقف مشرفة ، بل هو ايضا حاضر وتواصل ومواصلة وتجديد وعطاء متجدد وسعي الى الجديد في الفكر والتنظيم والاداء ، على ان هذا الحاضر ليس خارج التاريخ والجغرافيا ، والظروف الملموسة التي يمر بها بلدنا ، كما المنطقة والعالم .
فمنذ التأسيس وحتى يومنا هذا جرت مياه كثيرة ، وتغيرت أحوال ، وتبدلت ظروف ، ومن الطبيعي ان تكون المقاربات مختلفة ، ولكنها بالطبع لا تجد نفسها في تقاطع مع المبادئ والقيم والافكار التي كانت وراء إعطاء الحزب نكهته الخاصة المميزة له ، وبلورة فكرة التأسيس وتحولها الى واقع حي ملموس . فمنذ الولادة وهو متميز عن غيره ، فلا يجد الكلل والملل والموسمية والاحباط اليه سبيلا .
وهذا التمايز ليس افتعالا ، ولا مشاكسة ، ولا تجاوزا على الواقع ، بل يرتبط وثيقا بذلك البناء وما استند اليه عند التأسيس ، وما اضافته إليه السنوا ت الـ 83 من خبرة وتجربة اكسبتاه مناعة قوية ضد توجهين الحقا ضررا به في فترات مختلفة ، وهما ان جاز التعبير: اليمين المحافظ ، واليسار المتطرف .
وفيما القلة القليلة تقول بان الحزب ماض ، بل وكانت ولا تزال تمني النفس بان تستيقظ صباح يوم ، لتسمع الخبر الذي تتمناه بان الحزب لم يعد له وجود، فان الحزب ورفاقه خيبوا امالهم مرات ومرات، وسيفعلون ذلك على الدوام . وبعكس هؤلاء فان ما ينشره الاصدقاء وغير الاصدقاء التقليديين للحزب ، فضلا عن الرفاق ، يؤشر الآمال المعقودة على الحزب حاضرا ومستقبلا .
انها الشهادة التي يعتز بها الشيوعيون ، ففي وقت يكثر فيه النقد لمواقف المتنفذين وكتلهم ، تضيء سماوات الشيوعيين أرق وأحلى وأطيب الكلمات عاكسة اصدق المشاعر ، وحميمية العلاقة ، ونبل المواقف الوطنية والتطلعات المشتركة الى مستقبل وطن بضفاف معلومة.
ولا شك انها الشهادة التي تلقي بالمزيد والمزيد من المسؤولية على عاتق الشيوعيين ، في وقت يتسارع فيه الفرز وتبيان الخيط الابيض من الاسود .
فهل يحق لنا القول ان تباشير نهوض جديد في الوعي قد لاحت ؟