اعمدة طريق الشعب

عزة الدوري! / قيس قاسم العجرش

نسمع مرّات أن السياسة تسيّرها المصالح، وأن لا صداقات دائمة في السياسة الدولية، إنما هناك مصالح دائمة.
لكن هذه الفكرة تفترض أن (البلد أو النظام، أو الزعيم أو الحكومة) الباحثة عن المصلحة، إنما لديها قابلية التشخيص الدقيق لما هو نافع ولما هو ضار بها. وهذا الإفتراض هو أمر غير عقلاني تماماً. لأن الأنظمة والدول في كثير من الأحيان تسلك مسلك الأفراد، فتجهل مصلحتها طويلة الأمد لحساب التمسّك بمصلحتها السريعة، أو حتى بمصلحة زائفة سرعان ما تنجلي عن فخّ أوقعت صاحبها فيه.
هذه المقدّمة (المصلحجية!) أسوقها بعد أن استمعت لما يُعتقد بأنّها كلمة أطلقها المدعو عزة الدوري في مناسبة ذكرى تأسيس حزب البعث الخالد بجرائمه.
كلمة الدوري كانت مليئة بمنطلقات (المصلحة)، والدعوات الى تحالفات تسوقها(المصلحة)و(الأهداف المشتركة) التي تدعم(المصلحة). يفترض عزة أن الدول التي ستتلقى كلماته وتحللها فإنها ستحذو حذو ما يقول وستبحث عن المصلحة فتسرع الى التحالف معه، أو مع فلول حزبه بنسخته الإرهابية الداعشية.
عزة ظهر لأوّل مرّة بشخصه عام 2012 في كلمة متلفزة، وكان يحيط به كومبارس يرتدون رتباً عسكرية عالية. يومها كانت قد مضت 9 سنوات كاملة على سقوط النظام ، ودون أن يظهر عزة خلالها، لا بصوت ولا بصورة.
الأمر أبسط من أن يخضع إلى تعقيدات التوقّعات، لأن عزة يستقر في دولة عربية معروفة، رأت أن من(مصلحتها) أن تقدم له المأوى، ثم رأت أن (مصلحتها) تقتضي أن تبث شريطاً تلفزيونياً يظهر فيه عزة بشخصه وبما لا يقبل الشك.
الذي لا تعلمه حكومة هذه الدولة أنها أوقعت نفسها في فخ الفهم الخاطئ للمصلحة، لأن عزة سيموت قريباً؛ لا شك في هذا، فهي حتمية بايولوجية.
وبالتالي لن يعود ممكناً بث كلماته التي تفترض فيها هذه الدولة الشقيقة أن فيها(مصلحة) لسياستها الخارجية.
عندها، سيحدث أحد أمرين؛ إمّا سينكشف اسم هذه الدولة للعلن، ويعلم الجميع بأنها كانت تتلاعب باستقرار العراق(أو تحاول على الأقل) ومن ذلك إيواؤها رمزا من رموز أشد الأحزاب إيغالاً في الجريمة. أو أن مصلحتها المفترضة ببث كلمات عزة ستتوقف، وبالتالي فإن خطة البروبوغاندا المعتمدة على التلويح بهذه الدمية ستنتكس وستؤدي الى نتيجة عكسية، يعني العكس مما أراده من خطط لظهور عزة المتكرر.
وهنا، ليس لدي كلمة سوى كلمة (حماقة) أصف بها فعل هذه الحكومة التي وضعت هذا الدور لنفسها، وهي تتصور أنها بذلك تراعي وتداري (مصلحتها!).