اعمدة طريق الشعب

بارون ترامب / قيس قاسم العجرش

هذا الطفل ذو الـ 11 عاماً، سيلعب دوراً مهماً جداً في مستقبل الولايات المتحدة. ليس لذاته، إنما لما يمثله من مفتاح لفهم عقلية أبيه؛ دونالد ترامب، وإظهار حقيقته أمام الناس هناك.
انشغل الأميركيون في بداية حملة ترامب في إيجاد اجابة للسؤال: هل إن بارون الطفل مصاب بالتوحّد؟. ولمّا نفى ترامب ذلك، أصبح الموضوع (ملفّاً) انتخابياً للإثبات أو للنفي.
وبدأت المكائن الإعلامية تراجع كل صورة وكل لقطة فيديو وكل خطوة يظهر فيها بارون ترامب، واستضافت عشرات الأطباء والتخصصيين للحديث عن ذلك، وكتب المعلّقون والصحفيون عشرات المقالات في هذا الشأن. لكن ما أهمية الموضوع؟
إنّه دلالة على ما يرفضه ترامب بعقله، بينما تشير الدلائل كلها الى حقيقة المرض. وهذا يعني أن ترامب (الرئيس) يكذب من أجل ألا يؤثر ذلك على صورته الإنتخابية آنذاك، وهذا بالنسبة للرأي العام مؤشر مهم على المصداقية.
لنتذكر أن المشكلة التي واجهها كلينتون من قبله، لم تكن بسبب إنزاله لبنطلونه في المكتب البيضاوي في لحظة خلوة مع فتاة جميلة، إنّما بسبب(كذبه)أمام لجنة الكونغرس وحنثه باليمين، ولو كان اكتفى بالإعتراف بالعلاقة لما تأثر سياسياً كثيراً.
قبله فضّل ساركوزي أن يظهر علناً مع عشيقته، وأصطحبها في رحلة خاصة للاستجمام في مصر، كتبت عنه الصحافة لكنها لم تقل أبداً عنه إنه كاذب، وانه أخفى أمر عشيقته.
مشكلة ترامب أنه يصر بعناد (أمام الأميركيين) على أن ولده الذي أتاه على كِبر، ليس مُصاباً بالتوحّد، رغم أنه سبق أن ألقى كلمة اعتبرتها الصحافة (قرينة)على أن هذا الشخص مصاب بالتوحّد داخل بيته، حيث شرح وقتها بالتفصيل خطّته لتقديم العون للعائلات اللاتي تعاني من إصابة لأحد افرادها بهذا المرض.
المرض نفسه لا عار فيه، لكن الإنكار هو مؤشر على قابلية التزييف من أجل الحصول على مكسب سياسي.
يشتكي ترامب بمرارة من تعامل وسائل الإعلام معه. وسبق له أن طرد بعضها من مؤتمرات البيت الأبيض، وآخر تغريداته يقول فيها إنه لم يسبق لرئيس أميركي أن تم التعامل معه بـ(ظلم) من قبل الصحافة الأميركية كما جرى الأمر معه.
لكن ما لم يقله السيد ترامب-أو ربما ما لا يدركه- هو أن الصحافة الأميركية لا ترحم أي معلومة تقع بين يديها، ولا تنسى أي كلمة سبق لمرشّح أن تفوّه بها.
وآخر ذلك الإحصاء الذي أجرته واشنطن بوست المرّات التي قال فيها ترامب "إن المسلمين يكرهوننا"، ونشرت نتيجته مع التوثيق بالتزامن مع زيارة ترامب الى السعودية.
وما فات الواشنطن بوست هو أن ترامب التاجر قد وصل الى الرياض قبل ترامب الرئيس حتماً.