اعمدة طريق الشعب

قضيّة عالمية تدركها داعش / قيس قاسم العجرش

صحيح أن المؤتمرات العالمية السابقة التي انعقدت لتنسيق جهود المواجهة مع الإرهاب كانت كلها مؤتمرات عالمية، لكن يمكن القول إعتباراً مما حدث الاسبوع الماضي في قمة الناتو والسبعة الكبار في روما، باتت(مواقف) الدول الكبرى من الحرب ضد داعش، والتحالف الدولي ضد إرهاب تنظيم (الدولة الإسلامية) مواقفَ توضع على موازين»عالمية» لن تمرّ ما لم يجر التفاهم العام حولها مع الولايات المتحدة.
هذا يعني، أن المطالب الأمنية التي صدح بها ترامب في بروكسل، واتهاماته لباقي الدول بأنها لا تدفع حصّتها في تطوير قدرات حلف الناتو الدفاعية، انما هي اتهامات ستتحول عاجلاً الى(عِصِيّ!) لن تتوانى الولايات المتحدة عن استخدامها تجاه من يتهاون في واجبه تجاه أمنها.
ولكي نفهم هذا التهاون علينا أن نعرف ما يلي:
لم تكن كل دول الناتو تسمح للطائرات الأميركية المنطلقة لضرب أهداف لداعش في سوريا أو في العراق بالمرور الحر فوق أجوائها.
ولم تكن كل دول الناتو تسمح بإيواء طائرات الإرضاع الجوي، أو المراقبة الجوية العسكرية الأميركية في أراضيها بحرية مطلقة.
ولم تكن كل دول الناتو تتشارك مع الولايات المتحدة بالمعلومات الاستخبارية حول المشتبه بهم من مواطنيها أو المقيمين على أراضيها.
للوهلة الأولى يبدو أن هذه الدول(وعددها 23 دولة حسب ترامب!)، انما هي دول غير متعاونة في الحرب على الإرهاب، لكن مهلاً!
هل يمكن غض الطرف عمّا قالته تيريزا ماي(رئيسة وزراء بريطانيا)من أن الأجهزة الأمنية الأميركية سرّبت الى الاعلام معلومات استخبارية شديدة الحساسية كانت قد مررتها المخابرات البريطانية الى الـ سي آي أي؟
وهل ستثق الأجهزة الأمنية في هذه الدول الأوربية بإشراك الولايات المتحدة بكل ما عندها من وقواعد بيانات تخص المطلوبين او المشتبه بهم أو الموضوعين على لائحة الملاحقة؟
قبل ذلك نسأل(كما سألت البرلمانات الأوروبية)، ما هي الضمانة من ألّا تتحول أجواء هذه البلدان(رغم شراكتها في حلف الناتو) الى (كراج عسكري أميركي مجاني !)بداعي تقديم التعاون للطائرات الأميركية وكل الحركة العسكرية الأميركية؟
باختصار، هذه الدول(أجهزتها الأمنية تحديداً) تخشى الانصياع المطلق للولايات المتحدة وجهازها المعروف بـ(دي آي أي)وهي استخبارات الجيش الأميركي، لأنها ببساطة ستتحول الى دول مكشوفة تماماً أمام الولايات المتحدة، وهذه الأخيرة لن تتوانى عن استخدام هذا الإنكشاف لتحقيق مآرب سياسية الى جانب الحرب المعلنة على الإرهاب.
في النهاية، تحولت عملية إخفاء المعلومات عن أميركا الى عملية(دفاعية)، أو عملية(مساومة) على أقل تقدير. وهذا الأمر أدركه بالتفصيل تنظيم داعش الإرهابي، ومازال يلعب على هذا الحبل عالمياً انطلاقاً من أماكن تواجده في العراق أو في سوريا.