اعمدة طريق الشعب

الما يرضه بجزه يرضه بجزه وخروف! / عاصي دالي

البطاقة التموينية مفردة مهمة جدا في حياة العراقيين، لكونها ترتبط بفترة تاريخية قاسية ومؤلمة. فقد جاءت هذه المفردة على أنقاض أرواح الآلاف من العراقيين المتاجَر بهم خاصة الأطفال والنساء وكبار السن، من الذين باع النظام البائد واشترى بآلامهم ومشاعرهم في أسوأ صفقة عرفها التاريخ، تقاسمت أرباحها مافيات ومنظمات وشخصيات ودول لا تزال حتى اليوم تعتاش عليها وتفوح منها رائحة الغدر والفساد.
فبعد غزو الكويت عام 1991 فرضت الأمم المتحدة من خلال مجلس الأمن العديد من العقوبات، بعضها كان ظالماٌ، وأشدها ظلماٌ كان قرار فرض الحصار الاقتصادي، والذي بموجبه منع العراق من استيراد أية مواد غذائية، وكذلك الأدوية والمواد الصحية والمواد الأولية التي تدخل في مجالات الصناعة أو الزراعة وصناعة النفط وغيرها. ومنعت العقوبات العراق من تصدير نفطه، وهو المصدر الأساسي لإيراداته المالية. ومن أجل تفادي كارثة إنسانية كبيرة، لجأ العراق إلى بعض الإجراءات لتخفيف وطأة هذه العقوبات الظالمة، خصوصاٌ ما يتعلق منها بتوفير الغذاء والدواء للمواطنين، وأهم هذه الإجراءات اعتماد البطاقة التموينية لتوزيع المواد الغذائية بأسعار رمزية.
وقد وفرت تلك المواد سلة غذائية مقبولة ومثلت الحد الأدنى، في وقت كان معدل راتب الموظف لا يتجاوز 3 دولارات. أما حاشية النظام الحاكم فهي لم تتضرر جراء القرار، لان الرواتب التي تتقاضاها تفوق الخيال.
ورغم أهمية مفردات البطاقة التموينية واستمراريتها بين المد والجزر، إلا إنها تعرضت بعد 2003 إلى التقزيم والتراجع، حتى وصلت إلى ثلاثة مواد غير منتظمة بعد أن فاقت عشرة مواد قبل التغيير.
ويشاع اليوم ان وزارة التجارة شمرت عن سواعدها الناعمة والحكيمة لكي تدعم مفردات البطاقة وتخفف من معاناة المواطن العراقي، من خلال رفع أسعارها، وكأنها بذلك تقول: «الما يرضه بجزه عليه أن يرضى بجزه وخروف!».