اعمدة طريق الشعب

الفرحة الكبرى تطرز حياة العراقيين / مرتضى عبد الحميد

بعد الظهور المفاجئ للوباء الداعشي في الموصل في 10 حزيران عام 2014، وانتشاره بسرعة البرق في بقية المدن والمحافظات العراقية، وما سببه من صدمه لجميع العراقيين، قلنا آنذاك وبصريح العبارة، أن هذه المحنة الجديدة ستكون مؤقتة، وأن الوليد الإرهابي المسخ سيكون مصيره في أقذر مكان من مزبلة التاريخ، لان فكراً متطرفاً، وحشيا من هذا النوع، معادياً لكل الشعوب، ولنواميس الحياة وقوانينها، لا يمكن أن يستمر لمدة طويلة، رغم جهود صانعيه، والمتواطئين معهم، في تمهيد الطريق أمامه، لتدنيس أراضي بلدنا، وزيادة معاناة شعبنا.
ألان وقد جاءت الفرحة الكبرى، لتظلل حياة العراقيين، وتطرز معاناتهم الرهيبة بهذا النصر الكبير، بفضل تضحيات أبطالنا في الجيش والشرطة والحشدين الشعبي والعشائري والبيشمركة، ولتثبت من جديد، أن الشعب العراقي ليس عقيماً، كما أراد له الفاسدون، والطائفيون الفاشلون، وأن أبناءه البررة، وخاصة في جهاز مكافحة الإرهاب، قادرون على اجتراح المآثر العظيمة، ودحر كل من تسول له نفسه الإساءة إلى شعبهم وبلدهم.
إن هذا الانتصار الرائع على عصابات «داعش» عسكرياً، لابد وأن يستكمل بانتصار سياسي، ليكون انتصارا حقيقياً وكاملاً، يعيد إلى العراقيين الأمل الذي افتقدوه طويلاً، بإعادة بناء بلدهم على أسس المحبة والسلام والديمقراطية. وأولى مستلزمات الانتصار السياسي المنشود هو الانتقال من دولة المكونات الى دولة المواطنة، ودفن أسس البلاء، وسبب الكوارث كلها، المحاصصة الطائفية – الاثنية ومحاربة الفساد المالي والإداري بجدية وجرأة، تتناسب مع روعة الانتصار، والفرحة التي عمت جموع العراقيين.
كما أن المصالحة الوطنية والمجتمعية، أضحت ضرورة لا غنى عنها، عبر التخلص من الصراعات العبثية، ورحيل الطبقة السياسية الفاسدة الى حيث مستقرها المعروف لفرسانها قبل غيرهم. وهناك حاجة ملحة أيضاً لتسوية الخلافات القائمة مع الإقليم ومجالس المحافظات بعيداً عن المشاريع التقسيمية، واللهاث وراء المصالح الأنانية الضيقة، جهوية كانت أم طائفية أم قومية أو غيرها.
ولكي يقتنع المواطن العراقي، بأن عجلة الإصلاح والتغيير، بدأت تدور في الاتجاه الصحيح، يجب محاسبة المسؤولين عن الانهيار الذي حصل في الموصل لقواتنا العسكرية والأمنية، سواء كانوا عسكريين أو مدنيين، بإحالتهم الى القضاء ليقول كلمته فيهم، دون خوف أو محاباة.
إن هذا الأمل الكبير والمصيري، لا يمكن أن يفرش جناحيه في سماء العراق، إلا بجهود ونضالات المستفيد الأساسي من هذا النصر المؤزر، وهو الشعب العراقي، من خلال المشاركة الواسعة في الحراك الجماهيري والتظاهرات الشعبية في ساحة التحرير وساحات الشرف الأخرى، للضغط على صناع القرار المتشبثين بمصالحهم الأنانية؛، وكراسيهم المزيفة، وإجبارهم على إحداث نقلة نوعية في نظام الحكم، وبناء الدولة المدنية الديمقراطية القادرة فعلا على تحقيق حلم العراقيين في الحرية والأمان والعيش الرغيد.