اعمدة طريق الشعب

مشكلة «الچنابر» هل من حل؟ / منعم جابر

بفضل السياسة الاقتصادية الخاطئة وغياب الرؤى الاستراتيجية الواعية وانعدام التخطيط وسيادة الفوضى والحروب العبثية، ثم سياسة الانفتاح الاقتصادي ومنهج العولمة المنفلتة والمتوحشة، انتشرت البطالة وشملت جميع شرائح المجتمع العراقي من العامل البسيط وغير المدرب والمتعلم، حتى خريجي المعاهد والكليات وحاملي الشهادات العلمية العالية. كل هؤلاء مرتبطون ومسؤولون عن انفسهم اولاً وعن عوائلهم واهلهم ثانيا! إذاً اين يذهبون؟ كيف يحصلون على الرزق؟ الى اين يتوجهون وأبواب العمل مغلقة امامهم؟ هل يسرقون، ام ينضمون الى العصابات!؟
انها حيرة كبيرة والدولة ومؤسساتها عاجزة عن علاج مشكلة البطالة، وفتح ابواب العمل أمام العاطلين عنه. وقد تسبب هذا الأمر، في توجه البعض إلى العمل في السوق أعمالا متنوعة تبدأ من الحمال الذي يعتمد على قوته الجسدية وشبابه، وإلى عامل البناء، ومراقب العمال، وبائع السكائر. ومن يمتلك رأس مال جيد، سيعمل في مجال الصيرفة وبيع وشراء العملات الأجنبية. فيما يعمل آخرون، وهم الغالبية، في إدارة بسطة (چمبر) وسط السوق، يبيع فيها بضاعة بالمفرد، أما وحده أو بمساعدة البعض. وهكذا نجد ان (الچنابر) غزت أسواق العراق من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه.
المشكلة ان أصحاب (الچنابر) معرضون دوما لمضايقات الجهات البلدية ورجال الأمن، باعتبارهم يزاحمون المارة في السوق والسيارات في الشوارع، ويخلون بالنظام. كما انهم معرضون في الوقت ذاته إلى مخاطر العمليات الإرهابية والتفجيرات الدموية. فهم في كل الأحوال يتعرضون إلى شتى أشكال العدوان. فأين الحل يا سادة؟
قبل ايام هاجمت جهات حكومية مجمع سوق باب المعظم وهدمّت (چنابر) وبسطات، لكنها وبعد صرخات المستغيثين ومناداة الخيرين، أجلت اتمام العملية الى يوم آخر. وقبلها كان الحال مشابهاً في منطقة الكفاح ومدينة الثورة (الصدر) وربما مناطق اخرى في بغداد والمحافظات. ان هذه حلول مؤقتة وترقيعية. فالمطلوب ايجاد حلول جذرية في مقدمتها الاهتمام بتعيين الخريجين وحملة الشهادات العليا واعادة فتح المعامل المغلقة التي تستوعب آلاف العمال، والبدء بحملات بناء المدن وانشاء المجمعات السكنية، هذا في الجانب الاول. اما الجانب الاهم فهو يتمثل في تنظيم هذه الاسواق (الوگفات) ووضع اكشاك منظمة وحضارية تضم هؤلاء الباعة، وتخلصهم من الابتزاز والرشوة من قبل المرتشين (والاشقيائية). فيجب أن لا نحارب الناس بأرزاقهم ونسد في وجوههم ابواب الرزق الحلال. فهؤلاء ابناء شعبنا ويجب ان نحترمهم ونساعدهم