اعمدة طريق الشعب

تهويل اعلامي.. أكاذيب سلطوية! / أسعد عرب

تُرى ماذا تضمر القوى المتنفذة والفاسدة وهي تصعد من نبرتها عبر وسائل الاعلام المختلفة، محاولة اعطاء صورة غاية في السلبية عن الانتقادات التي توجه للاداء الحكومي وللاحزاب المتنفذة وبعض قادتها؟ فقد أخذت تصوّر ان ما يحدث من جرائم وسرقات وفساد يتم تهويله عبر وسائل الاعلام وبالذات على صفحات التواصل الاجتماعي.
بداية ان اكثر ما ينشر على تلك الصفحات، ما هو الا غيظ من فيض مما يحدث على ارض الواقع، وان كانت هناك بعض حالات التهويل فهي تعد على اصابع اليد، وثانيا: لو كانت السلطة ووزاراتها وهيئاتها المختلفة، تتمتع بجزء يسير من الشفافية والصدق، لما لقت تلك الاخبار والشائعات صدى بين متصفحي مواقع التواصل الاجتماعي.
ومنذ التغيير وحتى الان اشبعنا المسوؤلون الحكوميون والمتنفذون بالاكاذيب المتكررة حتى تفوقوا على وزير الدعاية النازي غوبلز، عندما قال عبارته الشهير ( اكذب اكذب حتى يصدقك الناس). لقد ملّ المواطنون من تلك الاكاذيب والوعود المظللة، لذلك اصبح المواطن يبحث عن الاخبار من اي مصدر بعيد عن المصادر الرسمية التي لم يعد يعير لها اي اهتمام يذكر.
فخلال الاسابيع الماضية، توالى الظهور على شاشات الفضائيات الرسمية و»الحزبية»، وحتى على الفضائيات الاخرى غير المحلية، مسوؤلون كبار في الدولة واحزابها المتنفذة، مدعين ان الجرائم وعمليات الخطف والقتل والسرقة والرشى والتجاوز على كرامة المواطنين وحريتهم، يتم تهويلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ويبدو الامر كما لو انه خطة منظمة تم الاعداد لها بشكل منسق ومسبق، والغرض منه هو تمرير قوانين قمعية جديدة، وكأنهم لم يكتفوا بمحاولة تمرير قانون حرية الرأي والتعبير الذي تم عرضه امام البرلمان للتصويت عليه، وقوبل برفض شديد من قبل منظمات المجتمع المدني ومن كل الخيرين الذين تعز عليهم قضية الحرية والحفاظ على آخر شيء يتمتع به المواطن في هذا الوطن الذي حكم عليه المتنفذون بالبؤس والخراب. فبعد ان فقد الامن والامان والخدمات والكهرباء والماء والشوارع النظيفة، وجعلوا بغدادَ كأسوأ مدينة غير قابلة للعيش، والعراق يتصدر قائمة الدول الاكثر فسادا، والبلد يعم فيه الخراب والدمار والامية والفقر والجهل والبطالة والمحسوبية والمنسوبية، وعشرات الالاف من الارامل والايتام، هاهم يحاولون ان ينقضوا على الحرية المنقوصة التي تمتع بها المواطنون بعد سقوط الدكتاتورية، وكأنهم يريدون له العيش في كابوس اسوأ منها.
والاعتقاد كبير ان كل هذه الاخبار والمعلومات التي يجري تسريبها وتهويلها، تقوم بها الجيوش الالكترونية للمتنفذين انفسهم، والتي يصرفون عليها ملايين الدولارات من السحت الحرام الذي سرقوه من المال العام، فقد اقترب موعد الانتخابات، وكما خبرنا عن الاعيب وافعال احزاب السلطة خلال السنوات الماضية، ان المتنفذين لن يألوا جهدا في استخدام كل الوسائل والاساليب الشرعية منها وغير الشرعية، الشريفة وغير الشريفة لتسقيط منافسيهم والحصول على موقع في السلطة التي تبيض لهم ذهبا!