اعمدة طريق الشعب

مشاهدات زائر لمدينة الطب / فاروق بابان

الدول المتحضرة تتعامل مع مواطنيها بروح الدستور والقانون.. تعرف ما الذي تقدمه لهم من حقوق وما عليهم من واجبات. وابسط هذه الحقوق، هو تقديم الرعاية الصحية للجميع، لانها من الأولويات. ويتم ذلك من خلال توفير الدواء اولاً، وتهيئة كادر طبي متمكن يمتاز بالكفاءة، وانشاء مستشفيات ومراكز صحية حديثة من حيث التقنيات والبناء، تضم كوادر طبية كفوءة، وتحتوي وسائل راحة للمرضى.
حينما تم بناء مدينة الطب في بغداد، نهاية خمسينيات القرن الماضي، أخذ كل ذلك بنظر الاعتبار من اجل الوصول الى رعاية طبية راقية للمواطن تغنيه عن السفر إلى خارج العراق لغرض العلاج. ولكن بمرور الزمن وما بعد التغيير 2003، أصيبت تلك المدينة الطبية، كغيرها من المشافي والمستوصفات الحكومية الأخرى، بالوهن والضعف، بدءا من هجرة الكفاءات الطبية خوفاً من الاغتيال والابتزاز والاعتداء الذي لحق بالكثيرين منهم، ومرورا بفساد البعض من الأدوية المستوردة من قبل فاسدين، وانتهاء بالكثير من السلبيات التي لوحظت في المستشفيات الحكومية.
عندما تدخل مكاناً مخصصاً للاستشفاء مثل مدينة الطب، تصاب بالذهول وأنت ترى عدم توفر النظافة وتفاقم زخم المراجعين. وبعين المراقب الحريص، ماذا تشاهد؟ بلاطات الارضية متصدعة، الجدران منظرها كئيب، المصاعد مصابة بالعطل والتوقف احياناً، الابواب الخشبية في بعض الغرف تالفة وتحتاج الى تبديل لا ترقيع، المكان صار فندقاً مجانياً للمرافقين دون حسيب أو رقيب! حيث باتت الممرات في داخل مدينة الطب تعج بأفرشة النوم، ما يهيئ لتلوث المكان بالأمراض والأوبئة.
الأنكى من كل ما ذكر، هو غياب الجانب الأمني عن المدينة الطبية، حيث السرقات المالية التي كثرت، لا سيما في المصاعد، إذ يقوم بعض النشالين بـ «تسليب» المراجعين تحت التهديد، وبين حين وآخر تسمع صيحة من قبل مراجع سرق ماله!
نضع ما طرحناه أمام أنظار رئيس الوزراء ووزيرة الصحة، ونلتمس منهما اتخاذ ما يمكن اتخاذه من إجراءات، لحل تلك المشكلات، خدمة للواقع الصحي.