تكاد تكون الاختناقات المرورية في الشوارع العامة والفرعية، سمة لصيقة ببغداد, حتى ان مجلس الوزراء قبل مدة ليست بالبعيدة, ناقش التدابير اللازمة لمعالجة هذه الظاهرة، إلا اننا لم نلمس اية إجراء على ارض الواقع. ان البحث في اسباب هذه الاختناقات المرورية لا يحتاج الى جهد كبير. فشوارع بغداد لا تستوعب هذه الأعداد الكبيرة من السيارات، التي بقي استيرادها مستمرا وبدون ضوابط. و»مما زاد الطين بلة»، دخول عربة «الستوتة» إلى الشوارع، ثم تلاها نوع آخر يسمى شعبيا «تك تك»، ولا ننسى الدراجات النارية التي تمر من بين السيارات كما الأفعى!

ويعلم الجميع، انه منذ عقود لم يجر شق شوارع جديدة في العاصمة لتستوعب هذا الكم الهائل من السيارات والدراجات، بل جرى إغلاق البعض منها اما لأسباب امنية او ان احد المسؤولين يسكن فيها. كما ان بعض الشوارع الصغيرة ابتلعتها الجنابر, واغلقت امام السيارات لتتحول الى اسواق للخضرة او لإكسسوارات السيارات او للملابس، مثلما هو حاصل في مناطق الباب المعظم والصدرية والسنك والباب الشرقي وبغداد الجديدة وغيرها, فيما تلعب السيطرات الامنية دورا في خلق الاختناقات المرورية، لكن يبقى اهم هذه الاسباب هو منح هيئة استثمار بغداد وامانة العاصمة، الرخص الاستثمارية للمنشآت الترفيهية في رقعة جغرافية محددة وصغيرة، دون النظر لما ستسببه هذه المنشآت من زحامات مرورية مستقبلا. فهل من المنطق ان تقع هذه المنشات في مساحة لا تتجاوز كيلومترا مربعا واحد؟ هل يتخيل المعنيون حجم الزحام في حال اكتملت تلك المنشآت جميعها، وفتحت أبوابها أمام الزوار؟ ولا يتوقف الأمر على هذه المنطقة، فهناك مناطق أخرى تعاني المشكلة نفسها. ففي شارع فلسطين عند تقاطع زيونة، يوجد مولان احدهما انجز ويعمل منذ اكثر من سنة، يقابله آخر، وهو «ماري مول» قيد الانشاء. فيما يقع ملعب نادي القوة الجوية قبالتهما. ان هذا التوزيع ربما سيشكل في المستقبل القريب ازمة مرورية لا علاج لها في ظل التدابير غير العلمية وغير المدروسة المتبعة في منح الرخص الاستثمارية. نتساءل: أليس من الأفضل ان تقع هذه المراكز في أطراف المدينة كي لا تسبب زحاما في المستقبل؟ ولماذا تعجز الحكومة عن شق شوارع وجسور جديدة، وتأهيل الشوارع القديمة؟ ولماذا لا يجري تأثيث الشوارع بالاشارات المرورية والكاميرات، وتخطيطها؟ ولماذا يسمح لسيارات النقل الخاص (الكيات) وغيرها بالعمل خارج الكراجات؟

نضع تلك الأمور أمام الجهات المعنية، لعلها تتخذ ما يلزم.