اعمدة طريق الشعب

"طريق الموت!" / عبد السادة البصري

قبل يومين وأنا عائد من بغداد الى مدينتي البصرة، شاهدتُ سيارة صغيرة نوع سانتافي مقلوبة قبل دقائق في الطريق الدولي الواصل بين السماوة والناصرية ذي الممر المشترك (سايد واحد)، الى جانب العديد من شاحنات الحمل وناقلات النفط وغيرها المقلوبة والمحترقة نتيجة تصادمها في أوقات سابقة، والتي كنت قد رأيتها قبل أيام وشهور. فتذكّرتُ الفاجعة التي حلّت قبل شهر بأقارب أحد رفاقنا الأعزاء، التي راح ضحيتها في لحظة واحدة 19 شخصاً نتيجة تصادم سيارتهم الكوستر بشاحنة على نفس الطريق الذي يسمّيه الناس «طريق الموت» وهو جزءٌ من الطريق الدولي الواصل بين بغداد والبصرة ويبلغ طوله ما يقارب الــ 60 كيلو مترا. وقد تُركَ منذ فترة دون إكمال تبليط الممر الثاني القادم من بغداد، فتركت هذه المسافة بممر واحد للاتجاهين مما يؤدي الى حدوث فواجع وموت العديد من الناس نتيجة الاصطدامات وخصوصا في أيام المناسبات الدينية والزيارات وما تشهد من ازدحام السيارات الذاهبة والآيبة وكثرة شاحنات الحمل ونقل النفط أيضا!!
هذا التوصيف ــ اقصد طريق الموت ــ لم يُطلق على هذا الطريق فقط، بل هناك طرق وشوارع عديدة في بعض المدن أطلق عليها الاسم نفسه، وهي من الشكل ذاته ــ اتجاهان في ممر واحد ــ أو تحفل بالتخسّفات والتكسّرات وانعدام الصيانة. فقبل أكثر من سنة حدثت فاجعة على طريق بصرة ــ أم قصر راح ضحيتها أكثر من عشرين موظفا. ولا ننسى الطريق الواصل بين الفاو والبصرة الذي أودى كذلك بحياة العديد من الأبرياء. وقبل أيام تظاهر أبناء احد أقضية محافظة ميسان مطالبين بصيانة وإصلاح طريق البتيرة الذي يسمونه (طريق الموت) أيضاً، كذلك الطريق الواصل بين كركوك وبغداد الذي كتبت عنه في عمودي هذا قبل عام. وبالتأكيد هناك العديد من طرق الموت التي راح ضحيتها العشرات وسيروحون، إذا لم تلتفت الدولة ومؤسساتها وينتبه أصحاب القرار لها والشروع بصيانتها وتصليحها وتبليط الممرات الموازية ومراقبة سرعة السير فيها لتفادي وقوع الحوادث والفواجع الأليمة!
إن علينا أن ننظر بعين المسؤولية وبجدّية وضميرٍ عراقي حيّ الى مسألة هذه الطرق وتبليطها وفتح طرق جديدة لأن الناس أصابها القنوط من الوعود والشعارات الرنّانة دون تنفيذ!
والمسؤولية تقع على الحكومة المركزية والحكومات المحلية لإنقاذ الناس مما هم فيه من بلاء بسبب طرق الموت هذه وكثرة السيارات وازدحامها. والكل يعلم أن الميزانيات التي تخصص للإعمار ليست بالقليلة رغم الأزمة المالية، فما علينا سوى أن نتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقنا ونشرع بالعمل، لأن وطننا وشعبنا يستحقّان كل ما نقدمه لهما، إذا أردنا ذلك حقا ونأينا بأنفسنا عن الفساد وشبهاته؟!