اعمدة طريق الشعب

هل من معالجات لأزمة الحصة التموينية؟ / مهدي العيسى

الكثير من الاستطلاعات التي جرت مع شرائح اجتماعية تعيش بمستوى خط الفقر أو دونه وتمثل نسبة كبرى من سكان العراق، تؤكد الحاجة القصوى الى مفردات الحصة التموينية للتخفيف من ضغط المتطلبات الاستهلاكية اليومية التي اناخت بحملها الثقيل، على الفقراء بشكل خاص.
ولم يأت الظرف الاقتصادي الصعب الذي يعيشه العراقيون من فراغ، وانما هو احد النتائج الرئيسة للمحاصصة وسوء الإدارة واستشراء الفساد وتدهور الجانب الامني. فكل ذلك وغيره انعكس بشكل كبير على الظروف المعيشية للمواطن، لا سيما بعد ان انخفض دعم الدولة بشكل واضح في مجالات الغذاء والدواء والخدمات الأخرى.
وتبرز اليوم حاجة ماسة لتوفير مفردات الحصة التموينية كاملة، التي أخذت وزارة التجارة بتقليص أعدادها ورفع أسعارها. فيجب على الدولة أن تدعم الفقراء وتسد حاجتهم الغذائية وتحقق أمنهم الغذائي، ولا نعتقد ان ذلك سيحصل إذا لم تلُح في الافق معالجات حقيقية للأسباب التي تم ذكرها. لست هنا بصدد المقارنة بين عدد المفردات التموينية التي كان يتسلمها المواطن العراقي قبل وبعد 2003، ولكن الضرورة تدفعني إلى توضيح بعض الأمور. ففي زمن الحصار الاقتصادي في تسعينيات القرن الماضي وتحديدا عام 1996، خصصت الامم المتحدة من خلال مذكرة تفاهم حول برنامج «النفط مقابل الغذاء والدواء»، أربعة مليارات دولار سنويا وزعت من خلالها 12 مادة غذائية اضافة الى جميع انواع الدواء الأساسية، فضلا عن احتياجات البلد الاخرى. في حين تجاوزت ميزانية العراق السنوية، بعد 2003، في بعض الاعوام حاجز المائة مليار دولار، ولم يخصص منها إلى البطاقة التموينية سوى ما يوفر اربع مواد شهريا، لا توزع مجتمعة في الغالب، والاغرب من ذلك يفرض على المواطن أن يدفع في بعض الأحيان مبلغا يزيد على قيمة المادة التموينية التي يستلمها. ما لفت انتباهي وأثار دهشتي، هو ما يجري في جمهورية مصر الشقيقة، التي تمر اليوم بظروف اقتصادية مماثلة تقريبا لما مر به العراق بعد 2003. فحكومة مصر قامت بدعم التموين الغذائي لشعبها، من خلال تخصيص مبلغ مالي لكل فرد يثبّت في البطاقة الذكية، وهو يساوي القيمة الحقيقية لخمسة أرغفة من الخبز يوميا، و3 كيلوغرامات من الرز شهريا، ومثلها من السكر، و2 كيلوغرام من الزيت شهريا. أتساءل، أليس ذلك اسلوبا ناجعا لسد جزء كبير من حاجة الشعب الغذائية؟ وهل ان مصر أغنى من العراق من حيث مواردها الطبيعية؟ وهل أن مبالغ موازناتها السنوية أكبر من مبالغ موازناتنا؟ وهل ان عدد سكانها اقل من شعب العراق؟
نلتمس من المسؤولين العراقيين التدقيق في هذه الأسئلة، وفي التجربة المصرية، وأن يعالجوا أزمة المفردات التموينية للحد من معاناة الفقراء، وتخفيف نسبة الفقر، لا أن تُقاسَم الكعكة على أساس المحاصصة!