اعمدة طريق الشعب

إيمان صبيح.. رياضية تستحق التقدير / منعم جابر

عرفت د. ايمان صبيح كرياضية مطلع ثمانينيات القرن الماضي، يوم كانت واحدة من ألمع الشابات الرياضيات المتألقات والبطلات المتميزات في العاب القوى. ومع انتقالها من مرحلة الى اخرى وجدناها موهبة فذة وفتاة مجتهدة، وظل رقمها القياسي في سباق 800 متر في بطولة جامعات العالم، قائما حتى الساعة. إلا ان عمرها الرياضي كان شبيها بعمر الورد وقصيرا مثل الربيع، بسبب اصابتها المبكرة التي أبعدتها عن ميدانها الرياضي في العاب القوى. لكنها وبفعل ما تمتلكه من شجاعة وعشق لاختصاصها الرياضي، ظلت وفية للرياضة وقيمها، وواصلت تألقها في الميدان وحصلت على الشهادة الجامعية الأولية، وأصرت على مواصلة العلم والمعرفة لتوظف كل ذلك في خدمة الرياضة العراقية وتتواصل في سوحها وميادينها.
وفعلا، أضافت د. إيمان لتاريخها الرياضي الشهادة العملية، وحصلت على الماجستير ثم الدكتوراه، ووظفت كل ما حصلت عليه في خدمة الرياضة النسوية التي هي هاجسها الاول وشاغلها الاساسي في حياتها العامة والخاصة.
امتلكت د. ايمان كل عناصر القوة والشجاعة والإرادة والإصرار على المساهمة في بناء مجتمعها بناء قويا وشامخا. فقد كانت السيدة الاولى التي تشترك في الهيئة الرياضية المؤقتة، كممثلة عن النساء بعد سقوط الدكتاتور في 2003. وبالرغم من الظروف الصعبة التي مر بها الوطن في تلك المرحلة، الا ان د. ايمان كانت متحمسة ومتحدية للواقع، ولعبت دورا كبيرا في اول لجنة اولمبية وطنية في المرحلة الجديدة لما بعد التغيير، وظلت تحمل افكارا ومقترحات ومشروعا رياضيا طموحاً لتلبية اماني وآمال الرياضة، الا ان البعض حاول ابعادها بطرق شتى!
وبعد غياب قسري عن الساحة الرياضية، ظهرت د. ايمان مع ابناء شعبها حاملة لواء التغيير والمطالبة بالاصلاح، حيث كان ميدانها ساحة التحرير في بغداد لتقف مع زميلاتها وزملائها تهتف بصوت عال وصريح: «نعم للاصلاح.. نعم للتغيير.. ولا للافكار الظلامية.. نعم لحرية المرأة.. نعم لضمان حقوق الفقراء والكادحين..»، وكانت تواصل حضورها التظاهرات، لتكون ايقونة لساحة التحرير ورمزا من رموزها.
وتقديراً لتاريخ د. إيمان وانجازاتها كلاعبة وادارية واكاديمية ومدافعة عن حقوق الرياضة والمجتمع، وجد الشيوعيون هذه السيدة التي تشرف بها اهلها والرياضيون وابناء وطنها لشجاعتها وحماسها وموهبتها، مستحقة التكريم، فضيفوها الشهر الماضي في بغداد، لتتحدث عن الرياضة النسوية وآفاق تطورها ودور المرأة في صناعة رياضتها. وقدمت د. إيمان في الجلسة التي حضرها جمع من المهتمين بالشأن الرياضي، رأيها بكل شجاعة وجرأة، وهذا ليس غريبا عليها، فهي بنت عائلة تقدمية، ووالدها احد شهداء الحزب الشيوعي، حيث تم اغتياله في احد شوارع بغداد في فترة حكم الفاشية الصدامية يوم 7 نيسان 1977.
وتحمل د. ايمان مشروعا رياضيا للنهوض بواقع رياضة المرأة، وتجد في هذا المشروع أملا كبيرا في ان يتحول الى واقع وينتشل المرأة العراقية من براثن التخلف والظلام التي يحاول المتخلفون فرضها عليها.
تحية للعراقية الباسلة د. إيمان صبيح، ولكل العراقيات الشامخات الساعيات لبناء الغد المشرق السعيد.