اعمدة طريق الشعب

توسع بغداد يدق ناقوس الخطر / ودود عبد الغني داود

تتوسع بغداد يوما بعد آخر من جهاتها الاربع نتيجة الزخم الاسكاني، حتى تحولت سطوح المنازل والحدائق المنزلية، إلى مشتملات سكنية، وقسّم الكثير من الدور القديمة ذات مساحة المائة متر، الى ثلاثة او اربعة منازل بعد هدمها واعادة بنائها، تضاف إلى ذلك التجاوزات على ممتلكات الدولة من ارصفة وحدائق عامة وفضاءات، واختفاء العديد من الاراضي الزراعية وبساتين النخيل في مخالفات للخارطة العمرانية المدنية، ما جعل العاصمة تختنق وتفتقر إلى الخدمات الضرورية من كهرباء وماء وشبكات الصرف الصحي، وأصبح التنقل بين معظم مناطقها صعبا، لا سيما خلال ساعات الدوام الرسمي.
وتفاقمت هذه الحالة نتيجة للاهمال الكبير الذي طال القرى والارياف منذ اكثر من خمسة عقود من الزمن. والغريب هو استمرار الإهمال حتى يومنا هذا، ما ادى الى نزوح المزيد من سكان القرى والارياف الى مراكز المدن.
وقد فشلت جميع الاجراءات في معالجة الاختناقات المرورية الناتجة عن الكثافة السكانية العالية والاستيراد الواسع للسيارات، من خلال بناء الجسور والمجسرات والشوارع وساحات وقوف السيارات. والمبالغ الطائلة التي صرفت على تلك المعالجات، كان بالإمكان توظيفها في إعمار القرى والأرياف، وتوفير مستلزمات الحياة فيها، وتشجيع ودعم من هجرها في العودة إليها مجددا، وممارسة مهنته في الإنتاج الزراعي وتربية الحيوانات والصناعات الشعبية.
كنا نأمل بعد التغيير في 2003 ان تبادر محافظة بغداد إلى وضع الحلول الناجعة للتوسع السكاني المخيف الذي طال العاصمة بشكل خاص، لكننا فوجئنا، بل صدمنا عند سماعنا تصريح محافظ بغداد السيد عطوان العطواني، عن حاجة بغداد الى مليون وحدة سكنية تبنى عن طريق الاستثمار وعلى غرار «مجمع بسماية»، لحل أزمة ما يقارب 350 عشوائية سكنية.
نتساءل: هل يعلم مجلس محافظة بغداد أن أعداد نفوس العاصمة اليوم تعادل ضعف أعداد نفوس لندن وباريس ومدريد، وتساوي أعداد نفوس نيويورك؟ بحسب ما أكدته مصادر متخصصة. هل هناك ضمان بعدم تشجيع قدوم المزيد من سكان القرى والأرياف إلى بغداد في حال جرى إنجاز المشروع المقترح؟ وهل في نية مجلس المحافظة نقل معظم سكان تلك المناطق إلى بغداد؟ ولماذا لا يتم التفاهم والتنسيق مع الدولة بشكل عام والوزارات المعنية بشكل خاص لمعالجة هذا الخلل في التوزيع السكاني؟ وهل تم الاطلاع على العروض التي قدمتها بعض الجهات الرصينة لانشاء مدن صناعية واخرى زراعية متكاملة بأسعار معقولة وأقساط ميسرة؟
نأمل من المسؤولين الاستعانة بأصحاب الخبرات والاختصاص، لمعالجة مشكلة التوزيع السكاني بشكل علمي وسليم، قبل الشروع في إنجاز أي مشروع سكني.