اعمدة طريق الشعب

شح أدوية الأمراض المزمنة.. إلى متى؟ / بشار قفطان

هناك شريحة واسعة من المصابين بالإمراض المزمنة، الذين اغلبهم من كبار السن ومن ذوي الدخل المحدود والمتقاعدين، يعتمدون في استمرار حياتهم على تعاطي العلاجات الخاصة بتلك الأمراض.
ومعلوم ان العيادات الطبية الشعبية التابعة إلى وزارة الصحة، كانت توزع على مرضى الأمراض المزمنة، شهريا بعض احتياجاتهم من الادوية، بأسعار مدعومة، بعد ان يجلبوا تقارير طبية تؤكد الاصابة بالمرض، صادرة عن اطباء اختصاصيين. ويجري توزيع الأدوية على المرضى من خلال دفاتر مخصصة لهذا الغرض، كانت تمنح لمستحقيها مجانا، وتثبت فيها أسعار الدواء، التي وإن تعددت أنواعها أو كثرت أعدادها، تكون تكلفتها ثلاثة آلاف دينار فقط.
إلا ان ما حدث خلال الشهور الماضية، صار يرهق مرضى الأمراض المزمنة، لا سيما الفقراء والمعوزين، ومثالنا على ذلك العيادة الطبية الشعبية في قضاء الحي بمحافظة واسط. فهي كانت تُجهز المرضى بقرابة 46 نوعا من الأدوية تغطي حاجاتهم، ولكن بعد إجراءات التقشف والخطة التي وضعتها وزارة الصحة لهذا الغرض والتي شملت حتى أدوية الأمراض المزمنة، أصبح تجديد دفتر استلام الأدوية أو إصداره من جديد، يكلف مبلغ 3 آلاف دينار، وازدادت كلفة الأدوية حتى بلغت 4 آلاف دينار، والأغرب من ذلك كله، ان أنواع الأدوية قلصت الى 16 نوعا، بدلا من 46، وان تجهيزها ضعف ووصل إلى 50 في المائة مما كان سابقا، وهذا يعني حرمان بعض المصابين بالأمراض المزمنة من قسم كبير من علاجاتهم، ما يضطرهم إلى شراء الدواء من الصيدليات الأهلية بأسعار باهظة.
وبعد كل تلك المعاناة، ابتدأت معاناة جديدة تفوق سابقتها بكثير. فمنذ أكثر من شهرين لم يجر تجهيز العيادة الشعبية في القضاء، بجميع أدوية مرض السكري، مثل حبوب «المساعد» و»الداؤنيل»، وكذلك مادة «الأنسولين الخابط»، فضلا عن بعض أدوية ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين وزيادة نسبة الدهون في الدم. والمشكلة ان عدم تعاطي المرضى تلك الأدوية بصورة منتظمة وفي أوقاتها، له تأثيرات سلبية على صحتهم، وربما يؤدي بهم إلى الإصابة بالجلطات الدماغية والقلبية، أو الفشل الكلوي، حتى الوفاة، نتيجة ارتفاع نسبة السكر في الدم، أو ارتفاع ضغط الدم، أو زيادة نسبة الدهون الثلاثية، إلى ان يتوجه المرضى، مضطرين، إلى الصيدليات الأهلية، لشراء تلك الأدوية بأسعار مكلفة. فسعر قنينة الأنسولين يتجاوز الـ 15 ألف دينار، ناهيك عن بقية أنواع الأدوية التي تكون أسعارها أعلى.
السؤال المطروح على وزارة الصحة: هل من معالجة لمشكلة شح أدوية الأمراض المزمنة في العيادات الشعبية؟ وهل ستوفر عاجلا لإنقاذ مستحقيها والمتوقفة حياتهم على تعاطيها!؟