اعمدة طريق الشعب

بيني وبين الكردي نهر من المحبة! / طه رشيد

اعرف اولاً أن كلامي سيزعج ثلاث شرائح في العراق ورابعه خارجه: اولهم المتأسلم، سواء كان كرديا أم عربيا، الذي لا يرى طريقة لنشر "فضائله" إلا عن طريق الغزوات، حالما بتحقيق إمبراطورية مندثرة!
وثانيهما القومي العربي المتعصب الذي يتباكى على وحدة العراق والأمة، لكنه لا يمانع في منح أراض من وطنه الى دول الجوار! وقد أثبتت التجربة القومية فشل مشروعها لتوحيد مكونات بلد واحد، فكيف تستطيع توحيد كل الدول العربية التي تختلف في ما بينها لهجات وتقاليد وطريقة عيش وسياسة!
والثالث هو القومي الكردي المتعصب الذي يحلم باقامة دولته القومية حتى لو كان ذلك على حساب العالم اجمع بما فيه العراق!
اما الرابع الذي يقبع خلف الحدود، فهو مجموعة الدول العربية مجتمعة (مع استثناءات محدودة) التي لم يكن موقفها مشرفا من القضية العراقية، والكردية ضمنا، ومن الشعب الكردي بالأخص الذي لاقى الأمرين على أيدي الانظمة العربية القومية! حملة الأنفال، واستخدام السلاح الكيميائي ضد الاكراد هنا وصمة عار في جبين نظام صدام القومي جدا!
وهنا نذكّر بأن الضحية باستخدام السلاح الكيميائي لم تكن مدينة " حلبجة " فقط، بل هناك قصبات وقرى كردستانية أخرى تعرضت لأكثر من هجوم كيميائي خاصة تلك التي تواجد فيها عناصر من فصائل انصار الحزب الشيوعي العراقي (واخواتهم بيشمركه الاحزاب الكردية) في ثمانينيات القرن الماضي، ( كانت تلك الفصائل خليطا من قوميات واثنيات وطوائف مختلفة ومعظمهم كانوا من الشرائح المثقفة الواعية، فنانين وأدباء وكتابا )، وكانوا يناضلون جنبا إلى جنب فصائل البيشمرگة للأحزاب الكردية من أجل عراق ديمقراطي يحترم بشكل حقيقي حقوق كل القوميات وكل المذاهب.
الاستفتاء الأخير حول الدولة القومية الكردية أثار لغطا كبيرا ساهم فيه تجار السياسة ومبدعو خلق الازمات وبقايا البعث الصدامي. وقد تركز نشاطهم المتشنج على صفحات التواصل الاجتماعي عبر تشكيل " مافيا " تروج للعداء بين الكرد والعرب. وهذا ليس غريباً، انما المستغرب هو مساهمة مجموعة من المثقفين في هذا اللغط، بعكس ايام زمان حيث وقف المثقف موقفاً مشرفاً مدافعا عن فكرة تقرير المصير للشعوب، ورافضا اية دعوة للاقتتال بين الإخوة في وطن واحد!
ولم تعالج هذه الأقلام، سواء من الكرد او العرب، السبب الحقيقي الذي يكمن وراء أزمة الاستفتاء، الا وهو فشل العملية السياسية برمتها التي تقودها الأحزاب المتنفذة في الدولة الاتحادية والتي بنيت على اساس المحاصصة بحجة توسيع رقعة المشاركة لكل المكونات!!