اعمدة طريق الشعب

تدخل خارجي فظ !/ محمد عبد الرحمن

ذكرت السومرية نيوز ان النائب جاسم محمد جعفر اصدر بيانا يوم الاثنين الماضي ( 30 تشرين الاول 2017 ) بعد زيارة وفد كان هو بين اعضائه الى انقرة ولقائه مع الرئيس التركي اردوغان. وقد اشار في البيان، بين امور اخرى، الى تأييد عدة جهات بينها تركيا وايران جعل كركوك تركمانية، وجعل الطوز وتلعفر محافظتين. ويبدو لمن يقرأ البيان ان السيد النائب مرتاح لهذا التدخل الخارجي وهذه المباركة والتاييد من قبلها!
ولسنا هنا بصدد الانتقاص من حقوق اي مكون من مكونات كركوك او من دوره في رسم مستقبلها السياسي، لكن السؤال يتعلق بمن يملك الحق في تقرير شؤون المحافظة وتحديد هويتها في نهاية المطاف: ابناء المحافظة جميعهم، بارادتهم الحرة، من دون اقصاء او تهميش، ام هذه الدول؟ كذلك الامر في ما يخص تشكيل هذه المحافظة او تلك.
ونرى ان بيان السيد النائب واشادته بموقف الجهات الخارجية التي ذكرها والذي يشكل تدخلا سافرا في شؤون بلدنا، انما يثير الاستغراب ويقترب من التفريط بسيادة الدولة التي يكثر الحديث عنها هذه الايام.
ويبدو ان النائب، بعكس تصريحات سابقة له، نسي تماما، او تناسى، ان هناك مادة دستورية (المادة 140) ترسم خارطة طريق لمعالجة الامر. فهي تشير بالنص (الى التطبيع، الاحصاء، وتنتهي بالاستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها، لتحديد ارادة مواطنيها). وما يحصل هذه الايام دلل ويدلل بنحو جلي على ضرر التلكؤ والتباطؤ في تنفيذها، من جانب كل الاطراف المعنية. وهي لو كانت وجدت طريقها الى التطبيق، لجنّبت وطننا والمناطق المتنازع عليها، آلام ما وقع وما يمكن ان يقع بعد ، ان لم يفعّل العقل وتسود الحكمة.
و يتوجب التذكير هنا من جديد بان الاستقواء بجهات خارجية، ايا كانت ومهما كان لونها وطعمها ورائحتها، في رسم الاستراتيجيات وتحديد معالم مستقبل بلدنا ومحافظاتنا ومدننا، لن يجلب الامن والاستقرار، ولن يكون الا قنابل موقوتة. والتجارب السابقة والحالية غنية بالشواهد، ولعل الوضع في كركوك قبل وبعد 16 تشرين الاول الماضي شاهد ايضا على ذلك.
والاخطر من ذلك ان يجري، بدعم خارجي، فرض امر واقع لحل قضايا خلافية ذات بعد قومي، واستغلال ظرف معين لتمرير اجندات معينة، تتناقض مع ما يرفع من شعارات ودعوات الى التآخي والعيش المشترك.
ومما يثير الاستغراب ايضا، ان لا نسمع من الحكومة ولا من اية جهة اخرى، كلمة بشأن هذه المواقف وما فيها من استحسان وتحريض وتشجيع لهذه التدخلات الفظة في شؤون بلدنا، في حين تقام الدنيا ولا تقعد ازاء مواقف مماثلة تصدر عن آخرين؟!
الا يفرض الواجب الوطني رفض واستهجان كل تدخل وموقف يستهين بسيادة البلاد، ويرهن قرارها بالضد من ارادة الشعب ومصالح الوطن؟