اعمدة طريق الشعب

طريق أبي الخصيب! / عبد السادة البصري

في كتابه ( بصرياثا ) أسماهُ الكاتب الكبير محمد خضير طريق الحكايات ، بسبب كثرة تفرعاته وبساتين النخيل والأشجار التي تحفُّ بهِ ، إضافة إلى تعرجاته وضيقه منذ نشأته وليوم الناس هذا!
طريق أبي الخصيب الواصل بين مركز البصرة وقضاء أبي الخصيب إلى جنوبها ، يبدأ من نهر الخورة مروراً بكل الأنهار والقصبات ذات الأسماء والأماكن التي سكنت ذاكرتنا التراثية، ولا ينتهي بمركز القضاء ، بل يعبره ماراً إلى السيبة وسيحان. طريقٌ ضيقٌ لا يتّسع لأكثر من سيارتين متعاكستي الاتجاه ، كونه سايد واحد ، تحفُّ به بساتين النخيل والأشجار والخضار إضافة إلى بعض البيوتات والمحلاّت. والملاحظ فيه كثرة التعرجات والمنعطفات بسبب طبوغرافية المدينة وبساتينها وبيوتاتها !
في الآونة الأخيرة زحفت عليه البنايات والمدارس الأهلية والبيوت العشوائية والأسواق والدكاكين ليضيق أكثر وتكبر خطورته أيضاً ، إذ انه مسرحٌ للكثير من الحوادث التي تودي بحياة الناس كالاصطدامات وحوادث الدهس، نتيجة وجود المدارس والأسواق وغيرها بشكل محاذٍ وملاصقٍ جداً للشارع ، وسرعة البعض من سائقي السيارات وشاحنات الحمل !
هذا الطريق من الممكن تغييره وفتح آخر ليكون طريقاً أولاً ومرفقاً سياحياً ثانياً ، بحيث يتم إنشاء البديل على ساحل شط العرب ابتداءً من الكورنيش ليدور حول القصور الرئاسية ثم يمتدّ بمحاذاة الشط حتى السيبة ، وبالإمكان استمراره ليصل إلى قضاء الفاو، أو يمرّ داخل القصور الرئاسية ليكتمل المشهد السياحي أيضاً ، ويكون ذا ممرين متعاكسين بينهما جزرة وسطية تُزرع بالأشجار والنخيل والحشائش ، إضافة إلى بناء كازينوهات ومرافق سياحية أخرى تمتدّ حتى الفاو !
كل هذا يكون بالتعاقد مع إحدى الشركات العالمية للطرق والجسور وأخرى لاستثمار السياحة فيه ،وجعله شارعا سياحيا مكملاً لجمالية الجسر المعلّق الذي ُشيّدَ مؤخراً ، كذلك خدمياً في نفس الوقت ليخفف العبء عن طريق أبي الخصيب القديم، ويقلل بل ينهي مشاكل الازدحام والحوادث وغيرها. كما يكون مصدراً اقتصادياً للمحافظة والبلد ،ويمكن الاستفادة من الشطّ لأغراض السياحة المائية أيضاً !
التفاتةٌ قصيرةٌ ، وتأملٌ لما ستؤولُ إليه المدينة و شارعها الجديد من انعكاسٍ جماليٍّ وخدميٍّ واقتصاديٍّ، يجعلنا نبدأ بوضع دراسةٍ متكاملةٍ من جميع الجوانب لهذا المشروع، والعمل إعلامياً وإدارياً على تشجيع الشركات الاستثمارية والعمرانية للعمل عليه ، حيث يكون طريقاً حكائياً أخر يروي للمستقبل قصصاً وحكاياتٍ عن مدينةٍ سكنت مخيلتنا ، وصنعنا منها عالماً سحرياً كبيراً !
بدلاً من الانغماسِ في الفسادِ والعبثِ بمقدرات العباد والبلاد واقتراح قوانين تعيدنا إلى العصور المتخلفة وتنشر الجهل والتخلّف ، علينا أن نفكّر بعقلٍ متنور وضميرٍ عراقيٍّ نابضٍ بحبٍ حقيقيٍّ وانتماءٍ مخلصٍ لهذه الأرض وناسها، وان نسعى جادّين في مشاريع البناء والعمران وتطوير الاقتصاد، لا للخراب والفساد والأزمات والموت المجاني !