اعمدة طريق الشعب

المحكمة الإدارية بين رحلة الروتين والتأجيلات / محمد حسن الجاف

المحكمة الادارية او ما تعرف لدى شريحة الموظفين بمحكمة الطعن، هي المحكمة الوحيدة غير المرتبطة بمجلس القضاء الاعلى. ويدير عملها قضاة ومدع عام من موظفي وزارة العدل من ذوي الخبرة، ومكان المحكمة يقع في مبنى وزارة العدل ذاتها.
وعرفت هذه المحكمة بنزاهتها ومهنيتها وعدالتها، لكنها تسير سير السلحفاة في أدائها، وذلك لأسباب عدة، أهمها انها المحكمة الوحيدة في العراق المتخصصة في القضايا الإدارية. ومن الأسباب الأخرى تراخي بعض الخصوم وعدم اهتمامهم بهموم الناس ومشكلاتهم.
وقسمت المحكمة الإدارية الى محكمتين تعملان بالتناوب يوما تلو آخر، الاولى إدارية تنظر في قضايا المواطنين مع مؤسسات الدولة، كأصحاب الافران والمعامل، والثانية تسمى «محكمة قضاء الموظفين»، وهي تنظر في قضايا الموظفين الذين يواجهون قرارات مجحفة في دوائرهم. فيقوم الموظف بتقديم تظلم لدى الجهة التي اصدرت القرار ضده، ثم يقدم طعنا لدى المحكمة خلال الشهر الثاني من تقديمه التظلم.
ومن هنا تبدأ رحلة الموظف الماراثونية لسنوات داخل اروقة وقاعات المرافعات في محكمة قضاء الموظفين. فأول موعد للمرافعة يكون بعد ثلاثة اشهر من تقديم الطعن، ناهيك عن التأجيلات المتتالية، ومحظوظ من تحسم قضيته في سنتين!
وفي حال صدور قرار المحكمة لصالح الموظف، يبلغ من ادارة المحكمة بأنه كسب الدعوى، لكن القضية ترفع للتمييز من قبل خصمه، ويبدأ الموظف المتظلم باستئناف رحلته مع التمييز سواء دفع رسم بقيمة 100 الف دينار ام لم يدفع.
نتساءل: هل يعقل ان تتساوى شكوى الموظف المتأخرة ترقيته، او المحروم من الايفاد، أو المقطوع راتبه، أو من صدر قرار بفصله أو عزله، مع غيرها من الشكاوى التي تتحمل تأجيل؟ ألا يفترض اعطاء الأولوية لشكوى الموظف كي يعرف مصيره ومصير معيشة عائلته؟ ولماذا حصرت المحكمة الادارية بمحكمة واحدة لعموم العراق؟ الا يمكن فتح محاكم ممائلة في المحافظات لتسهيل حسم القضايا في وقت اسرع، وتخفيف تكاليف السفر والمبيت للمدعين واصحاب الطعون من أبناء المدن البعيدة عن العاصمة؟ الا يمكن فتح قاعتين في المحكمة، واحدة للقضايا الإدارية وأخرى لقضايا الموظفين، لكي يعمل هذان القسمان بصورة يومية وليس بالتناوب يوما تلو آخر؟
نأمل من وزارة العدل النظر في هذه المشكلة، ووضع الحلول لها خدمة للصالح العام.