اعمدة طريق الشعب

چـمّل الغركان غطّـة! / عاصي العرداوي

توصل الإنسان العراقي إلى اكتشاف الزراعة للمرة الأولى في حدود الألف التاسع قبل الميلاد. حيـث ظهـرت البوادر الأولـى للزراعة التدريجيـة المحدودة، وكانت أول ثورة اقتصادية قـام بهـا الإنسان، إذ انتقـل بواسطتها مـن حيـاة جمع القـوت إلـى حيـاة انتاج القـوت. وكانت الزراعـة فـي بدايـة مراحلهـا بسيطة وشبه متنقلة تعتمـد على خصوبة التربة وعلى مياه الإمطار. ومرت الزراعة بتطورات بالغة منذ عهد الحراثة القديمة الى ان شهدت ممارسات زراعية بوسائل الري والأسمدة و المبيدات.
تشكل الزراعة عنصراً مهماً من عناصر النهوض بالاقتصاد العراقي الذي يعاني الكساد بسبب اعتماده بشكل أساسي على النفط، وإهماله العناصر الأخرى التي لم يتم تفعيلها لتكون إسنادا قويا للنهوض بالاقتصاد. فالواقع الزراعي دخل في متاهات ودهاليز ضيقة نتيجة ظروف معقدة مرّت على العراق جعلته في زاوية مظلمة، وتحول على أثر ذلك من بلد زراعي إلى بلد مستورد لجميع المنتجات الزراعية، ما أثقل كاهل اقتصاده.
ولم تقم الحكومة بتوفير الإمكانيات التي تساهم في النهوض بالزراعة، من خلال دعم الجمعيات الفلاحية بصورة حقيقية، وفتح المجال امامها لتأخذ دورها المطلوب في احتضان الفلاح ورعايته واستقطاب جميع الفلاحين الذين تركوا مهنتهم وتحولوا إلى مهن أخرى، وكذلك توفير ودعم الحبوب والأسمدة الكيمياوية من النوعيات الجيدة، وكل ما يحتاجه الفلاح لاستصلاح الأرض وزيادة إنتاجيتها. فلو تم الاهتمام بهذا القطاع الحيوي بشكل مخطط ومدروس، لتمكنا من النهوض به، ولاستطعنا توفير الأمن الغذائي المنشود لشعبنا وبلدنا، ونكون قد وفرنا فرص عمل كبيرة تساهم في القضاء على أزمة البطالة المتفشية في العراق وخصوصاً في المناطق الريفية، بالإضافة إلى توفير رافد قوي من روافد الاقتصاد العراقي الذي يجعل من البلد مصدراً للمحاصيل الزراعية، ويحوله من مستورد للمحاصيل الزراعية إلى منتج لها. لكن الحكومة تقوم بزيادة الثقل على كاهل الفلاح الذي يعاني بالأساس من وضع مادي مترد، وذلك بإرغامه على دفع أجور السقي.. وكما يقول المثل "جـمل الغركان غطـه"!