اعمدة طريق الشعب

النسوة الحوامل في مواجهة المخاطر / لطيف كريم

قبل فترة كانت امرأة حبلى في شهرها السابع تبحث عن طبيبة اختصاص لتهيئها الى يوم الولادة، باعتبار ان للحبلى جدولا زمنيا شهريا ملزمة فيه بمراجعة طبيبة اختصاصية مرة واحدة في الشهر. إلا ان ذلك لم يتلاءم مع الحالة المعيشية لتلك المرأة، فمراجعة العيادات الخاصة يتطلب إنفاق الكثير من الأموال.
وطلبت المرأة من طبيبتها التي كانت تراجعها سابقا، ان تشرف على عملية ولادتها، غير ان الطبيبة رفضت ذلك، وقالت ان هذه المرأة لم تلتزم بمراجعة عيادتها خلال فترة الحمل، بصورة منتظمة!
لم يكن أمام المرأة بعد ذلك، سوى مراجعة المستشفى الحكومي، لمتابعة حملها وعملية ولادتها. فوجدت ان المستشفى يضم ردهتين، الأولى عامة، والأخرى خاصة. وان النساء لا يثقن بعمل الردهة العامة وبنجاح عمليات الولادة فيها، كونها ملوثة وبلا عناية جيدة. فيما الردهة الخاصة تكلف الولادة فيها مبالغ باهظة تتراوح بين 400 و500 ألف دينار، ناهيك عن تكاليف الأدوية والعلاجات غير المتوفرة، التي يضطر المريض إلى شرائها من الصيدليات الخاصة.
ترى الى أين تولي هذه المرأة وجهها وهي في هذا الحال والظرف الصعب؟ علما ان هذه الحالة ليست فريدة من نوعها، بل انها متفشية في واقعنا الصحي. فالطبيبة النسائية المنتسبة إلى إحدى المستشفيات العامة، لا تشرف على المرأة الحبلى خلال الولادة، إلا بعد أن تكون قد راجعتها مرارا في عيادتها الخاصة.
في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كانت عمليات الولادة تتم من خلال الولّادة، أو ما يطلق عليها "جدة عرب". وتكون هذه الولّادة امرأة بسيطة لا تحمل الشهادات العلمية، لكنها تحمل خبرة في التوليد من خلال الممارسة العملية. وكانت هذه الطريقة ناجحة في أغلب الأحيان، عدا بعض الحالات القليلة جداً. وكانت الولّادات يمتلكن ادوات بسيطة ومتواضعة يزاولن فيها مهنتهن. أما اليوم وبعد أن صرنا نعيش في عالم متطور من حيث الأجهزة الطبية الحديثة والوسائل الصحية المتطورة، فكان يفترض أن يواجه المريض عناية فائقة في المستشفيات، لكن بعض الأطباء من ذوي النفوس الضعيفة، والذين يفتقدون الإنسانية، لا يرف لهم وجدان وضمير على مريض يتعذب.
نقول للجهات المعنية، رفقا بالنسوة الحوامل.. خفضوا أجور الولادة عنهن، واهتموا بهن اهتماما جيدا، وأولوا عناية فائقة بصالات الولادة، ووفروا الأدوية الأصلية، والطبيبات الاختصاصيات.
نذكّر.. فعسى أن تنفع الذكرى!