اعمدة طريق الشعب

نكّعها واشرب مايها !/ عبد السادة البصري

في الأسبوع الماضي تحدثت عن مستقبل أبنائنا وشهاداتهم التي يعلّقونها على الحيطان دون أدنى فائدة، وقلت للحديث بقية. نعم، هناك الكثير من الموظفين الذين حالت الظروف الصعبة في ذلك الوقت دون حصولهم على شهادات جامعية ، فتعيّنوا على شهادة الإعدادية وغيرها، و حال انفراج الأزمة وافتتاح الدراسات المسائية سارعوا إلى التسجيل في الكليات ونيل شهادات أعلى لتحسين مستواهم العلمي أولاً والوظيفي ثانيا ، فدرسوا في الكليات العلمية والإنسانية والإدارية وحصلوا على البكالوريوس فيها ، لكن بعد تخرجهم يواجهون تعقيدات كثيرة في دوائرهم ، منها عدم احتساب الشهادة ، إضافة إلى توقف ترفيعهم الوظيفي ، بحجّة التعليمات الوزارية تنصّ على ذلك! هنا يتساءل الجميع: ألَمْ تفكّر الحكومات بتطوّر العلم والمعرفة والتعليم ؟! وألم ترغب الوزارات بحصول موظفيها على شهادات أعلى في اختصاصاتهم ؟! ألم يفكّر المسؤولون بهؤلاء الذين حرمتهم الظروف القاهرة من إكمال تحصيلهم الدراسي ، وهاهم اليوم يكافحون للحصول على شهادات عليا ؟! ألم تسعَ البلدان على تشجيع أبنائها على الدراسة وطلب العلم والمعرفة ؟! لماذا نحاربهم إذاً ؟!
الغريب في الأمر أنهم ــ اقصد الموظفين الحاصلين على شهادات جامعية أثناء خدمتهم الوظيفية ــ محاربون من كل جانب ، وكأن القدر يلاحقهم في كل وقت ، شهاداتهم لم تُحتسب في بعض المؤسسات والدوائر ، مخصصات الشهادة لم تصرف لهم أيضا ، عنوانهم الوظيفي لم يتحسن ، وكلّها بحجّة إنّ قانون الخدمة لا يسمح بالتعديل ، هل هذا معقول في بلد يسعى للنهوض والبناء والتقدم ؟؟!!
لهذا على المسؤولين وأصحاب القرار ان يعيدوا النظر في هكذا قوانين ، ويفتحوا الآفاق للموظفين وغيرهم أن يكملوا دراساتهم ويتقدموا في العلم والعمل ، لا أن نجعلهم حائرين ، متسائلين :ــ لماذا ...وكيف ... وأين الحق ؟! وما إلى ذلك ، كونهم درسوا وتعبوا ودفعوا تكاليف دراستهم من قوتهم وقوت عيالهم كي يحصلوا على شهادات حلموا بها ذات يوم لتحسين مستواهم الوظيفي والمعيشي !!
لا أن نتركهم ونثقل كاهلهم بالقرارات المجحفة التي تؤكد أنها اجتهادات شخصية غير مدروسة تماما ، ولا تريد لهذا البلد أن ينهض ولأبنائه الخير ، ونجعلهم يلومون أنفسهم على ما قدّموه من تعب ومال وسهر ووقت ليحصلوا على شهادات تعينهم حياتيا بالوظيفة والراتب ، ونسرق منهم هذا الجهد والفرح لنترك لسان حالهم يردد المثل ( نكعها واشرب مايها ) وهم يعتصرون أسى وقهرا!!
الالتفات إليهم ورفع الغبن والحيف عنهم واجب وطني وإنساني حقيقي جداً!