التحالف المدني الديمقراطي

جاسم الحلفي: نحن البديل*

الرفيقات والرفاقالصديقات والأصدقاء
السيدات والسادة
الحضور الكريم
لكم كل التهاني في احتفالكم هذا بذكرى تأسيس حزب الشهداء الذي لا يموت، حزب الكفاح والتضحية ونكران الذات، حزب الدولة المدنية الديمقراطية، حزب العدالة الاجتماعية، حزب الأمل والعمل من أجل الوطن الحر والشعب السعيد.
إذ نقدم اليوم التهاني لكم ولعراقنا العزيز وهو يحتضن اقدم وأنشط حزب مقدام من اجل الكادحين وقضاياهم العادلة، نقف بإجلال واحترام كبيرين للشهداء الذين قدموا حياتهم فداءً على طريق الحرية. ونتذكر في هذه المناسبة جميع المكافحين من اجل إلغاء استغلال الانسان لأخيه الانسان، وسجل المدافعين عن حرية الفكر والتعبير، وضحايا انتهاكات حقوق الانسان.
نحتفل ونشعر بالسعادة، بأن حزبنا الشيوعي العراقي مستمر في كفاحه في هذا الظرف الصعب الذي مرّ على العراق، اثر السياسات الخاطئة التي يسير عليها المتنفذون، إذ نعيش في ظل أزمة عميقة تنعكس على مجمل الأوضاع، من بينها أزمة العلاقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم، وازمة العلاقة بين الحكومة والبرلمان، الى جانب أزمة العلاقات السياسية بين الأطراف الحاكمة، وانعكاس كل ذلك على الأوضاع الحياتية والأمنية والمعيشية للمواطن.
تستمر الازمة التي وفرت للإرهاب جوا مناسبا كي يفرض سيطرته على مناطق كبيرة في محافظات الانبار وصلاح الدين وديالى ونينوى، للتأكيد على إستراتيجيته الجديدة، التي لم تعد تنحصر في القيام بعمليات ذات طابع إرهابي لعرقلة نشاط الحكومة، بل هي تمرين حي للوثوب لما هو اكبر واخطر. فلم يعد مشروع قوى الارهاب يقف فقط عند استهداف المدنيين في الاسواق والشوارع والمؤسسات الرسمية بهدف التخريب وإشاعة الذعر والخوف الى جانب اعاقة البناء، وخلق الفوضى. فإستراتيجية قوى الارهاب الجديدة تعدت ذلك الى هدف اكثر خطورة، حيث تذهب الى اسقاط الن?ام برمته، وإقامة حكم على وفق نموذج طالبان، والامر الغريب هو انه ما زالت السلطات تعتمد الحل العسكري فقط لمواجهة الارهاب، بينما يحتاج التصدي للملف الأمني جملة من الإجراءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الى جانب الإجراءات العسكرية. فيما يعد دور المواطن ومساهمته في التصدي للإرهاب الأساس في كل ذلك، وضمان اسهامة المواطن يأتي عبر تأمين مشاركته السياسية وتوفير مستلزمات معيشته وحياته الكريمة.
والاغرب من كل ذلك ان قوى الإرهاب، من القاعدة وداعش وقادة الاجهزة الامنية للنظام الدكتاتوري السابق، يتوحدون في اطر سياسية وعسكرية، وذلك من اجل أهداف الشريرة؛ اذ جاء اعلانهم قبل ايام عن تشكيل مجلس سياسي لها، بعد ان استكملت تشكيل مجلسها العسكري، في مقابل تفكك اواصر العلاقات بين القوى الماسكة بالسلطة، بل وصل الامر حد القطيعة ان لم اقل الاحتراب في ما بينها. كذا الحال داخل الكتلة السياسية الواحدة، فقد وصل الامر الى القطيعة، والمتوقع استمرارها وتصاعد حدتها؛ اذ يلوح بعضهم للبعض الآخر بفتح ملفات، مما يعني ان البلاد?مقبلة على المزيد من الفضائح وعمليات التسقيط السياسي، بما يسمم الاجواء المسمومة اكثر، ويزيد من تذمر الناس، ويعمق من شعورهم باليأس نتيجة اتسام السنوات التي مرت بعد التغيير بالفشل المرير.
يبدو ان المتنفذين لم يدركوا خطورة الارهاب وآفة الفساد على امن وسلامة وبناء الدولة، وواجبها في توفير الامن والسلام والخدمات والعيش الكريم للمواطنين، نعم، لم يدرك المتنفذون ان التلكؤ في إصلاح النظام، ستنتج عنه أزمات لا يتحملها وضع العراق، كما أثبتت كل هذه السنوات التي مرت على العراق، وخسر فيها فرصا ثمينة، وفقد أرواحاً وإمكانيات مادية وفرصا للبناء والتعمير والتقدم.
لم يستمع المتنفذون الى الأصوات التي أكدت ان أزمة النظام السياسي المستند إلى المحاصصة، المنتجة للازمات المستمرة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية، هي أعمق مما يتم تصويرها، واخطر من اي حل ترقيعي يقوم على إعادة توزيع المناصب والمكاسب، من منطق المحاصصة ومنهجها، لترميم البنية المأزومة.
لقد أصبح الرهان على العقل السياسي المتنفذ، في إيجاد مخرج من النفق المظلم الذي وصلت إليه أزمة نظام الحكم، نوعاً من العبث غير المجدي. فليس من الصحيح تعليق الآمال على فكر المتنفذين الذي لا يغادر منهج المحاصصة الطائفية.
لن نتأمل من المتنفذين بكل أصنافهم واتجاهاتهم ومراكزهم إحلال السلام وفرض الأمان والاعمار، فبعض أفعالهم التي اتسمت بالعنجهية والتكبر والاستخفاف بالقيم التي فاقت ممارسات كنا قد حسبناها ولت مع رحيل الدكتاتور المقبور وأتباعه.
أدرك ان التغيير صعب لكنه ليس مستحيلا، فقد فرضته قبلنا شعوب أخرى، لنكن من المقدامين في إحداث التغيير. نعم، هناك صعوبات ومصدات امام تمثيل القوى المدنية والديمقراطية، لنستعد لها كتحديات ينبغي ان تحفز هذه القوى على اجتراح المآثر عبر تحسين أدائها، وان تستعد لخوض الانتخابات بحماسة وقوة، لتتمتع بالتمثيل في مجلس النواب، بما يمكنها من لعب دورها في اعادة بناء العملية السياسية وتخليصها من بنائها الطائفي وإعادة تشكيلها على وفق مبادئ المواطنة.
ونؤكد هنا ان من بين اهم معايير نجاح الانتخابات هو عدم تدخل السلطات التنفيذية والتشريعية في عمل المفوضية والهيمنة على قراراتها، وهذا يتطلب تعزيز استقلالية المفوضية، وعدم التدخل باختصاصاتها وتأكيد حياديتها في ادارة الانتخابات وإضفاء الشفافية على عملها وتعزيز المصداقية على قراراتها، وتحليها بالشجاعة المطلوبة للتصدي لأي يعرقل أداء واجبها الوطني في هذا الظرف الحساس الذي يمر به العراق.
وهكذا فنحن نخوض الصراع مع المتنفذين بكل أصنافهم، على رؤية تنطلق من بناء الدولة المدنية الديمقراطية على قاعدة العدالة الاجتماعية، المستندة على اعادة الإعمار والبناء والتنمية المستدامة، وحفظ حقوق المواطن وصون كرامته، وتحسين معيشته، وتوفير الضمانات له. وفي المقدمة الضمان الاجتماعي والحق في العمل والسكن والطبابة والتعليم.
لقد اختلفنا مع المتنفذين في الرؤية والمنهج والسلوك السياسي، فمهجهم ورؤيتهم وسلوكهم تعتمد المحاصصة الطائفية التي أجهضت امكانيات النهوض، فقد وفرت بيئة للإرهاب وأشاعت الفساد وحمت الفاشلين، وها انها تدفع بالعراق الى المجهول.
ورؤيتنا ومنهجنا وسلوكنا تنطلق من بناء العراق على اساس المواطنة، بدون عزل وتهميش واقصاء، بل المساواة في الحقوق والواجبات.
هم يخوضون صراعهم من اجل السلطة وما توفره من جاه ومال ونفوذ ومكاسب وامتيازات مختلفة، مركزين في ذلك - كما كشفت الوقائع - على احلال الأشخاص الذين يريدونهم في المواقع والمناصب العليا.
هم جعلوا من تنوع الشعب العراقي مصدرا للضعف والانقسام.
نحن نعمل على ان يكون هذا التنوع مصدر غنى وثراءً جميلا.
هم يشيعون قيم الكراهية والأحقاد والثارات والمخاوف.
نحن نشيع قيم السلام والوئام والإخاء والعيش المشترك.
هم، وكل منهم، يدفع بان يرسم العراق بلون واحد معتم، هو لون الطائفية السياسية، ونحن نريد رسم العراق بألوان موزايكية، العراق المتعدد الجميل الزاهر.
هم الماضي وهذا الحاضر البائس، ونحن الغد المشرق والمستقبل السعيد.
هم الازمة المتفاقمة التي تدفع بالعراق الى المجهول، ونحن الحلول الممكنة التي تضع العراق على شاطئ الامان.
هم مرارات الماضي الأليم، والحاضر الموجع، ونحن المستقبل الجديد.
هم المشكلة، ونحن الحل.
هم الماضي ونحن المستقبل.
هم الانكسارات ونحن البديل.
نحن البديل...
ــــــــــــــــ
* الكلمة التي القاها مرشح الحزب والتحالف المدني الديمقراطي في احتفال الذكرى الثمانين على حدائق ابي نؤاس